Friday, February 19, 2021

حوارات تغم النفس !


حوارات تغم النفس ! 

يستغرب الكثيرون كراهيتي للاحتكاك مع البشر .. وعزوفي عن أمور الخطبة والزواج .. 

وأحيانًا أتأثر بكلامهم .. وأقرر أن أخرج من قوقعتي لأحتك بالكائنات الأخرى .. 

لكن دائمًا يحدث حوار ما يثير جنوني .. فأعود راكضًا إلى دائرتي المغلقة العزيزة .. وأغلق الباب على نفسي بالمزيد من الأقفال ! 

قررت أن أعطيك نماذجًا لهذه الحوارات والمناقشات و .. ما تيجي نشوف ؟ 

***
الحوار الأول 

الحدث : نهاية جلسة مع عروس رشحها لي أحدهم 

المكان : أحد الكافيهات الغالية جدًا .. 

أنا : لا أفهم .. كنت صريحًا معك في ظروفي المادية منذ البداية .. وقلتِ أن الماديات لا تشغلك .. لماذا تغير كلامك الآن ؟ 

عروس الغفلة : نعم .. أنا لست مادية على الإطلاق .. كل ما أطلبه هو شقة واسعة في حي راقٍ .. وأن تكون لك وظيفة ثابتة براتب مرتفع .. وأن تكون قادرًا على تحقيق طلبات أهلي لأني لا أتحمل فكرة إغضابهم ! 

أنا "ضاحكًا" : ياللتواضع .. ماذا كنتِ لتطلبي إذا كنتِ مادية إذن ؟ قصرًا فخمًا وفيللا في الساحل ؟ أي انفصال عن الواقع تعيشين فيه ! 

عروس الغفلة : يا عزيزي أنت شخص رائع فعلًا .. وفي ظروف أخرى وفي عالم مواز لم أكن لأتركك تفلت من يدي .. لكن شقتك صغيرة .. وحتمًا مطبخها ضيق .. وفي مكان لا بأس به لكنه بعيد نوعًا .. كأنك لا تملك شقة من الأساس ! 

أنا "بغضب وقد تذكرت الأهوال التي رأيتها لأدبر ثمن الشقة" : لا لا لا لا .. لا أسمح لك .. هذه الشقة اشتريتها بدمي بالمعنى الحرفي للكلمة .. ولن أسمح لمدللة ناعمة اليدين أن تقلل من كفاحي !! 

عروس الغفلة : حسام .. كل اللي بيننا انتهى .. 

أنا : *ألفاظ يعاقب عليها القانون ولا يمكن ذكرها هنا* 

*** 

الحوار الثاني 

الحدث : الخلاف المصري المعتاد كلما مات أحد .. هل سيدخل الجنة أم النار ؟ فكما تعلم نحن 100 مليون إله .. وكل إله يحمل مفاتيح الآخرة .. ويختار من يدخل الجنة أو النار حسب رأيه الخاص . 

المكان : بوست لأحد أصدقائي الذين يعيشون في أوروبا على الفيسبوك 

البوست : من قال أن تلك الفتاة التي ماتت ستدخل الجنة ؟ إذن سيدخل الملحدون والشواذ والمسيحيون الجنة أيضًا ؟ يالكم من حمقى بعيدين عن الدين ! 

أنا : يا صديقي احذر لكلامك .. قد يكون مديرك في الدولة الأوروبية أساسًا ملحدًا شاذًا جنسيًا .. وقد يترجم له أولاد الحلال البوست وتجد نفسك مرحلًا إلى مصر غير مأسوف عليك ! 

صديقي : لا تقلق .. لقد أخفيت البوست عنهم .. لن يراه أحد هنا ! 

أنا : أنت إذن منافق حقير .. تظهر لهم الاحترام والود لتحافظ على أكل عيشك .. لكنك تشتمهم من وراء ظهورهم .. 

صديقي : التعامل في حدود الدنيا لا يعني أن أدافع عن الدين ! 

أنا : لازلت منافقًا .. فأنت لا تستطيع الدفاع عن الدين ضد من تخشاهم .. لكنك تفرد عضلاتك على أصدقائك المصريين الغلابة الذين لا يملكون لك ضررًا .. أليس هذا صحيحًا ؟ 

صديقي : ................... 

أنا "بعد أن انتظرت الرد طويلًا" : أين ذهبت ؟ ألم تجد ردًا ؟ 

الفيسبوك : لا يمكن وضع تعليقك لأن البوست تم مسحه .. 

*** 

الحوار الثالث 

الحدث : أحد أصدقائي يحدثني بحماس عن مشروع جديد ننفذه سويًا 

المكان : على القهوة 

صديقي "بحماس" : كما ترى لقد فكرت في كل شيء .. وسينجح المشروع نجاحًا ساحقًا ! 

أنا "مهدئًا" : يا صديقي لا داعي للحماس الزائد .. لست أول من يحدثني عن فكرة ما .. الحماس ينطفئ سريعًا .. كما أنه يمنعك من رؤية السلبيات .. بعض التشاؤم والواقعية مفيد جدًا ! 

صديقي "بحماس أكثر" : لا مجال للسلبيات .. كل شيء محسوب .. كف أنت عن تشاؤمك المعتاد ! 

*بعد مرور عدة أشهر وفشل المشروع فشلًا ذريعًا* 

أنا : ما رأيك ؟ ألم أقل لك ؟ 

صديقي "بغضب" : أنت وتشاؤمك اللعين .. ألن تكف عن التشاؤم ؟ 

أنا "بدهشة" : لحظة .. ألم يكن توقعي صحيحًا ؟ أنت تتجاهل أني كنت على حق في النهاية ! 

صديقي : لا بد أن تتفاءل بالخير حتى تجده .. لا يمكن أن تترك كآبتك تسيطر عليك .. ! 

أنا : أنت كنت متفائلًا ولم تجد شيئًا ! 

صديقي : ............... 

أنا : إذن دعنا نغلق الموضوع طالما لا تجد ردًا .. ماذا كنت تريد مني ؟ 

صديقي " بحماس عنيف" : نعم صحيح .. لدي فكرة مشروع جديد رائع .. لا مجال للخطأ فيه ! 

أنا : *ألفاظ يعاقب عليها القانون والعرف والتقاليد .. بالإضافة إلى كوب زجاجي ناقص من على الطاولة .. يمكنك أن تراه محطمًا مختلطًا بالدماء على الأرض* 

*** 

كما ترى .. هذه نماذج تحرق الدم لما أواجهه حين أخرج للعالم .. 

هناك حوارات أخرى .. لكنها تحتاج مجلدًا كاملًا وليس مجرد مقال .. 

الخلاصة أن تناقض البشر صار عجيبًا جدًا .. يمكن لواحد أن يقول الكلام وعكسه في نفس الجملة .. وبضمير نقي للغاية .. 

لا أعرف هل هذا فكر جديد ؟ أم أنه موجود منذ الأزل لكنني تقدمت في العمر ولم يعد لدي البال الرائق للتعامل معه ؟ 

على أية حال من يسأل عني سأكون داخل قوقعتي الجميلة .. يمكنك مناداتي لكني غالبًا لن أرد عليك ... 

سلام .. 



Friday, February 12, 2021

الحرمان من اللامؤاخذة !


الحرمان من اللامؤاخذة ! 


اللغة الإنجليزية سهلة التعلم إلى حد ما .. لكنك لا تستطيع أن تلم بها بالكامل مهما فعلت ! 

والسبب بسيط .. فهي تتمدد بلا توقف .. لعلك لا تعرف أن بعد فيلم Saturday night fever لجون ترافولتا تم إضافة فعل جديد للإنجليزية هو Travolt .. ومعناه "الشخص الذي يذهب للديسكو يوم السبت للرقص أمام الفتيات" !! 

بل وسمعت أن بعد فوز ليوناردو ديكابريو بالأوسكار بعد فشل طويل أضيف فعل Leo .. ومعناه "المحاولة عدة أعوام حتى تحقق هدفك" !! 

دارت في بالي هذه الأفكار وأنا أبحث عن حل لكتابة هذا المقال ! 

فأنا أريد أن أتكلم عن التعريـ.. إحم .. فلنقل التطبيل أو النفاق شديد الوطأة ! 

لكن كلمة التطبيل ليست صادمة كاللفظ الآخر .. ولا تعبر عن المعنى بشكل كامل .. 

لذا قررت أن أستعير طريقة الإنجليز .. وليسامحني مجمع اللغة العربية ! 

إذن من هو الأنسب لنضع اسمه مكان هذا الفعل ؟ بالضبط كما قلت .. أحمد موسى .. هل هناك سواه ؟ 

و رغم أن المقال ليس سياسيًا .. إلا أنك لا تحتاج للسياسة لتعرف أنه بالفعل مناسب جدًا !! 

وأصل الحكاية أني اكتشفت فجأة أن أحدًا لم يـ"أحمد موسى" لي من قبل ! 

أتعرف هذه المواقف ؟ 

حين تكون في خضم شجار وحدك .. ويأتي فجأة صديق لك .. لا يعرف سبب الشجار .. ولا يهتم أن يعرفه .. بل ينضم لك مباشرة .. وينطلق في وصلة من الـ"أحمد موسى" بلا توقف .. بل وإن وصل الموضوع إلى الاشتباك بالأيدي يساندك بحماس .. ثم بعد الخناقة يسألك والدماء تغرق وجهه "هو إيه سبب المشكلة بقى؟" 

أو مثلًا حين تكون خاطبًا أو متزوجًا .. وتحدث مشكلة ما مع الأهل أو الأقارب أو الزملاء .. وقد ترى خطيبتك أنك مخطئ .. لكنها لا تقول .. بل تخرج الطبلة وتـ"أحمد موسى" لك .. وتلكم أي شخص يهاجمك في أسنانه بلا تردد .. ثم تعاتبك على خطأك حين تنفرد بك ! 

بالله عليك لا تعط الموضوع صبغة دينية .. ولا تقل لي أن هذا خطأ .. فأنت تعرف أن كل شخص يحتاج لمن يـ"أحمد موسى" له .. يحتاج من يعرف أنه في ظهره مهما حدث .. 

أنا لم أشعر بهذا الإحساس من قبل .. وهو أمر ـ لو تعلمون ـ كريه جدًا ! 

ذات يوم أيام النشاط الثقافي .. حدث خلاف بيني وبين كيان آخر .. كان يريد التعاون معنا في أحد الفعاليات .. لكني لاحظت أنهم يريدون تهميشنا تمامًا .. والحصول على النجاح وحدهم .. فقلبت الطاولة في وجوههم بلا تردد .. وبدأت خناقة صعدت لعنان السماء ! 

كانت خطيبتي الأولى السابقة شريكة معي في الفريق .. وكانت موجودة أثناء العركة .. 

فوجئت بها تقف ضدي .. بل وقالت لي بغضب أمامهم "احنا موافقين وعايزين نعمل كدة" ! 

ومن يعرفني شخصيًا منكم يعرف أني لا أهتم بأحد .. وقد أدخل شجارًا مع عشرة أشخاص وحدي بلا هوادة .. 

لكني حينها وللمرة الأولى شعرت أني ضائع .. وشعرت ببرودة عجيبة كأني نسيت ارتداء سروالي .. 

بعدها بنحو عام .. بدأت المشاكل بيني وبينها .. وبدا واضحًا أن الارتباط قد انتهى .. 

هذه الأمور تحدث .. وليست أول ولا آخر خطوبة تنفسخ .. 

لكنها كانت خبيثة .. واتصلت بأقرب أصدقائي تبكي له .. حتى انقلب ضدي .. وأشاع في كل مكان أني مريض نفسيًا .. 

وكان هناك خلاف بيني وبين أخي في هذه الفترة .. وفوجئت أنه اتصل بها ليقول أن أهلي كلهم يكرهونني .. وأنهم يتمنون أن تأتيني فرصة سفر للخارج ليرتاحوا مني ! 

بل وعرض عليها أن يذهب معها للشرطة لتحرر لي محضرًا بالتعدي .. وأنه مستعد ليشهد ضدي ! 

ولأنها واطية وحقيرة .. قامت بتسجيل المكالمة .. وأرسلت لي التسجيل .. وكلام صديقي عني .. لتقول بشماتة أن هذه آراء أقرب الناس لي في شخصي .. وهذا دليل لا يدحض أنها ملاك مجنح .. وأنا شيطان حقير أكثر من لوسيفر ذاته .. 

حينها شعرت بنفس شعور نسيان السروال اللعين .. إحساس الحصار .. وأن ظهرك للحائط والأعداء يحيطون بك من كل اتجاه ! 

حينها أغلقت هاتفي .. وانقطعت عن عملي .. وقضيت أيامي أتنقل على المقاهي وأجلس صامتًا مذهولًا .. لا أفهم ما حدث ! 

وفي حلقي غصة مريرة .. لماذا لم يـ"أحمد موسى" لي أحد ؟ لماذا باعني أقرب الناس بهذه السهولة ؟ 

لماذا لم يحاولوا حتى سماع وجهة نظري ؟ لا أعرف بصراحة .. 

مر الوقت .. وخطبت مرة أخرى .. لكن خطيبتي الثانية كانت تفضل أن تظهر أنها عقلانية .. 

لا تقف بجانبي إلا لو كانت مقتنعة أني على حق .. ولا تجد غضاضة في أن تقف ضدي طالما اختلفت آراؤنا ! 

قد يكون هذا صحيحًا ظاهريًا .. لكني هنا لا أتكلم عن الصحيح والخاطئ ! 

أتكلم عن الوقوف في ظهر من تحب .. وتسانده بلا توقف .. ويا أخي فلتؤجل عقلانيتك وتفكيرك المنطقي الرائع حتى تنفرد به .. وحينها فلتكن ضده كما تحب !! 

بعد فسخ خطبتي الثانية أدركت فعلًا .. لم يـ"أحمد موسى" لي أحد أبدًا .. !! 

أدركت هذا حين رأيت تجارب غيري سواء في الصداقة أو الارتباط .. 

حين لاحظت أن الجمال والذكاء لا يبهرونني .. بل يبهرني الاندماج الكامل .. توحد شخصين معًا كأنهما شخص واحد ! 

يبهرني الـ"أحمد موسى" المتبادل .. يعجبني أن أحدًا منهم لم يساهم في خلع سروال رفيقه في الشارع يومًا !! 

ظل الأمر يؤرقني فترة .. حتى اتخذت قرارًا مريحًا .. 

لن أنتظر أحدًا يـ"أحمد موسى" لي .. بل سـ"أحمد موسى" لنفسي بلا توقف ! 

فأنا أكثر شخص يشبهني .. وأكثر شخص أتوافق معه .. فلم أحتاج الـ"أحمد موسى" من الآخرين ؟ 

أنا أروع شخص عرفته .. ورأيي دائمًا هو الصحيح مهما اعترض المعترضون .. ومن لا يعجبه فمصر تطل على ناصية رائعة على البحر الأحمر والبحر المتوسط .. فليختر أحدهما وليشرب منه حتى يرتوي !