Friday, July 26, 2019

هؤلاء البشر المهمون !!



هؤلاء البشر المهمون ! 

هناك طبيب نفسي شهير يدعى (عادل صادق) له عدة كتب تدل على براعة غير عادية في فهم النفسية البشرية .. 

من ضمن ما تحدث عنه قاعدة هي (أنا بخير وأنتم لستم بخير) .. وهي مهمة جدًا إذا اضطررت آسفًا للتعامل مع البشر الآخرين .. 

ولتفسح صدرك لي لأشرح لك مدى عبقرية (عادل صادق) .. واسمح لي بذكر اسمه دون ألقاب لأن هكذا يعامل العباقرة .. فشكسبير لا أحد يقول له (أستاذ ويليام شكسبير) مثلًا ! 

بالمناسبة الجملة السابقة لها علاقة مهمة بالمقال .. لكن لا داعي للاستعجال .. 

فالبشر لديهم طبع غريب .. حين يشاء له الحظ أن يصل لمكانة ما مهما كانت وضيعة تبدأ ذاته في التضخم .. ويبدأ في معاملة غيره بغرور عجيب ! 

حتمًا مررت بهذا مع أحد أصدقائك حين يعمل في مكان مرموق .. فيبدأ بتضخيم دوره ليشعرك كم هو مهم ورائع ! 

وتبدأ عبارات من نوعية (معلش أنا مقصر معاك .. بس انت عارف شغلي حساس قد إيه) في الظهور بينكما .. ويبدأ معك نوعًا خاصًا من التعالي كأنه خبير بالحياة ! 

هل شاهدت فيلم زكي شان ؟ تذكر مشهده مع صديقه الساذج الذي تمنى أن يصبح بودي جارد مثله ! 

أذكر في مرة أثناء تنظيمنا للنشاطات الثقافية .. أن اتصل بي واحد من فريق اعداد قناة CBC معلنًا رغبته في استضافتنا في حلقة بالقناة .. 

طبعًا كدت أجن من الفرحة !! فهذا دليل قاطع أننا ناجحون فعلًا ! 

وذهبت أنا وإحدى الزميلات .. في البداية استغربت قلة الاهتمام بنا .. وألقونا في حجرة ضيقة حتى يحين دورنا .. 

وحين دخلنا إلى الاستوديو لم ينظر المذيع حتى إلينا ! وحتى حين صافحته لم يظهر ذرة اهتمام واحدة ! 

لكن حين هدرت الكاميرات معلنة بداية البرنامج ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة .. وبدا عليه الانبهار الأبله بكل كلمة نقولها .. رغم أني اكتشفت أنه لم يعرف عنا حرفًا واحدًا إلا قبل الحلقة بدقيقة واحدة ! 

حتى حين أمسكت بالكوب الأنيق الذي وضعوه أمامي مطبوعًا عليه شعار القناة وجدته ممتلئًا حتى نصفه بالماء .. ولم يكن باردًا حتى !! 

في إشارة واضحة أن الأهم هو "المنظر" فقط ! 

وحين انتهى اللقاء عاد المذيع إلى عبوسه وتجاهله السابق .. ولم يوجه لنا كلمة شكر واحدة .. فاكتفيت بالنهوض وأنا أسبه بصوت خفيض "ده انت ابن ....." .. وغادرت المكان وأنا في قمة الإحباط .. مدركًا أن وجودنا كان مجرد صدفة لا أكثر .. ووسيلة لملء الساعات الميتة في القناة .. خاصة أن البرنامج كان في السابعة صباحًا .. أي أنه لا يوجد كلب بلدي حتى شاهده ! 

لكني فوجئت بتفاعل الزميلة مع الأمر ! 

كانت سعادتها جنونية .. وبدأت في التعالي على أي كيان ثقافي آخر من منطلق "احنا طلعنا عالتلفيزيون يا كلاب" وظلت تحكي للجميع بوقار كأنها نجمة ساطعة ! 

نعم .. مبدأ "أنا بخير وأنتم لستم بخير" 

كل نجاح حتى لو كان زائفًا ولا قيمة له يتحول إلى وسيلة للتسلق فوق الغير ومعاملته بتعالٍ مقرف ! 

كنت أعمل في مكان ما .. وفوجئت بشخص يرتدي بذلة ويلقي بأوامره يمينًا ويسارًا .. ويتعامل مع الجميع كأنهم خنافس كريهة الرائحة .. وحين سألت قال لي أحدهم بخوف "ده مدير التسويق في الإدارة الشرقية" ! 

مدير تسويق في إدارة واحدة .. ضمن شركة محلية سكندرية .. في دولة من دولة من دول العالم الثالث .. في أفقر قارة .. في كوكب واحد ضمن مجموعة شمسية متوسطة الحجم .. وتتعامل بهذا الغرور .. يا أخي ربنا يشفي الكلاب ويضرك !! 

أستغرب بشدة ممن يصرون على الألقاب في تعاملاتهم .. تجد شخصًا يسبق اسمه (السيد الأستاذ الدكتور مدير القطاع) .. ! 

قديمًا قالوا عن الشخص الذي يمسك بالشيشة ويبدو فخورًا بإمساكه "اللي" أنه يعاني ضعفًا جنسيًا ويعوضه باللي الطويل لا شعوريًا ! 

أشعر دومًا بنفس الشعور عندما أتعامل مع هؤلاء المهمين !! 

يقول أحمد خالد توفيق "لطالما تساءلت عن تلك المعجزة التي تجعل إنسانًا ما يشعر بالفخر أو الغرور .. ما الذي يعرفه هذا العبقري عن قوانين الميراث الشرعية ؟ هل يمكنه أن يعيد دون خطأ واحد تجربة قطرة الزيت لميليكان ؟ هل يمكنه أن يركب دائرة كهربية على التوازي ؟ كم جزءًا يحفظ من القرآن ؟ ما معلوماته عن قيادة الغواصات ؟ هل يستطيع إعراب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) ؟ هل يمكنه كسر ثمرة جوز هند بين ساعده وعضده ؟ كم من الوقت يمكنه أن يظل تحت الماء ؟ الخلاصة أننا محظوظون لأننا لم نمت خجلًا من زمن من فرط جهلنا وضعفنا" .. 

تخيل كل هذا وتجد من يغير تعامله مع الناس لأنه أصبح "مدير مساعد رئيس قسم تصنيع عصا الأيس كريم" !! 

وتجد صديقك الهايف الذي كان يجلس معك على نفس القهوة البائسة يبدأ في التعالي عليك لأنه أصبح "مدير قسم" .. رغم أن القسم لا يضم إلا هو وعامل البوفيه أساسًا !! 

ويعاملك بشفقة مفخخة من نوعية "يا بني لازم تدور على شغل تاني بدل شغلك الهايف ده" .. من منطلق "أنا بخير وأنت لست بخير" !! 

بعض التواضع يا جماعة .. فالحياة سخيفة بقدر كافٍ .. ولا ينقصها شخص مزعج مثلك ! 

أنت مجرد شخص تافه في شركة تافهة إذا أغلقت اليوم فلن يتأثر العالم بمقدار ذرة ! 

لا تظن أن التعالي على من ترأسهم هو سر نجاحك .. فدعوة واحدة من شخص تحولت حياته إلى جحيم بسببك كفيلة بكعورتك على وجهك لتتسول في الشوارع !! 

ولا علاقة بالغرور بقيمتك بين الناس .. 

قيمتك الحقيقية في تواضعك مع الناس .. ليقولوا لبعضهم "أهو راجل مدير تقيل بس مننا وعلينا" .. 

أما إذا كنت مغرورًا فسيقولون "مدير في شركة تعبانة وعامل نفسه شبح" .. 

أنت لست مهمًا .. أنت لست ناجحًا .. أنت مجرد "ولا حاجة" .. والتوفيق ودعاء الوالدين فقط هو الذي جعلك في مكانك .. 

لا قيمة لك .. وإذا سقطت ميتًا الآن سيحزن أهلك لمدة أسبوع ثم ينسون كل شيء عنك .. لن تتوقف الكرة الأرضية عن الدوران .. 

عش تافهًا .. ومت تافهًا .. لكن بشرط أن تدرك تفاهتك !! 

ارحمونا يرحمكم الله .. 




Friday, July 12, 2019

الدليل الأكيد للانفصال السعيد



الدليل الأكيد للانفصال السعيد 

وماذا تنتظر من الكئيب حين يتكلم عن العلاقات العاطفية ؟ يتحدث عن الانفصال طبعًا ! 

لكن الجديد هنا أني سأشرح لك كيف تتجاوز أزمة الانفصال دون خسائر في الأرواح .. ودون أن تتحول إلى أبله يكرر دون توقف "سعاد وحشتني أوي" ... 

هيا بنا نبدأ .. 

1- الأماكن .. 

أول مشكلة تواجهها كمنفصل هي الأماكن التي اعتدتما الذهاب إليها معًا .. مطاعم .. كافيهات .. إلخ .. 
بمجرد أن تقترب من أحدهم يصيبك شجون وضيق تنفس .. وتخنقك الذكريات .. ربما تفتقدها .. أو على الأرجح تتذكر الأموال الطائلة التي أنفقتها لتدعو خطيبتك فيها .. لتظهر كم أنت رائع ! 
والنتيجة أنك تتجنب السير في أي شارع مشيتما فيه معًا .. ويصبح الأمر أكثر صعوبة إذا كانت خطيبتك السابقة من النوع الذي يفضل المشي .. حينها قد تفكر في شراء طائرة هليكوبتر تتحرك بها لأنكما مشيتما معًا في كل شوارع البلاد !! 
ما الحل إذن في مشكلة "حنين الأماكن" هذه ؟ 
الحل ـ ببساطة ـ أن تذهب لذات الأماكن وحدك .. كثيراً !! 
نعم .. اذهب كل يوم وحدك إلى مكان ذهبتما إليه معًا في السابق .. 
الفكرة هنا أن نفسية الإنسان معقدة جدًا .. وتعطي المجهول أو البعيد حجمًا أكبر من حقيقتها لتتحول إلى "كلكيعة" كبيرة داخلك ! 
تذكر كم مرة كنت تخشى يومك الأول في الجامعة / الامتحانات / العمل / السفر .. وكان التوتر والهلع يسيطران عليك .. ثم حين أصبحت "داخل الموضوع" اكتشفت أنه لم يكن يستحق كل هذا التوتر ! 
ها هنا نفس الفكرة ... حين تتجنب الأماكن يتكون داخلك حاجز نفسي هائل تجاهها ... هذا الحاجز هو ما يؤلمك .. وليس الذكريات المشتركة .. 
إذن هذه هي النصيحة الأولى .. اذهب وحدك إلى كل الأماكن التي ذهبتما إليها معًا .. ومع الوقت سيزول الحاجز النفسي ... 

2- ابحث عن رضا !! 

من هو رضا ؟ رضا هو نوع من الأصدقاء لديك حتمًا واحد مثله ... 
الصديق الذي يتعامل بمبدأ "في داهية" مع أي شيء قد يسبب له وجع الدماغ .. 
تقول له أنك فسخت خطوبتك يقول لك ببساطة "عادي إيه المشكلة .. تيجي نروح ناكل في قرية هاني؟" 
حين تجلس معه تشعر أن كل آلامك مجرد سخف .. ويصبح فعلًا كل همك على أي قهوة سنجلس ؟ وماذا سنأكل ؟ 
يوفر لك رضا نوعاً من "الفصلان" عن أي مشاعر سلبية .. وتتحول جلساتك معه إلى جلسات أنس ونقاشات بلهاء عن مواضيع هايفة .. لكنها توفر عليك مجهود التفكير .. وتشعر أنها تغسلك من الداخل بأفضل من ألف جلسة "جروب ثيرابي" قد تحضرها !! 
مع الوقت ستشعر أنه "في داهية" فعلا .. ولا يوجد أي مشكلة .. بل بالعكس .. الخطوبة كانت كاتمة على أنفاسك وتمنع عنك متعة الجلوس على القهوة والأكل من أي مكان في أي وقت كلما أردت !! 
إذن ها هي النصيحة الثانية .. ابحث عن رضا !! 

3- لا تجعلها كاذبة ! 

ركز معي في هذه النصيحة لأنها معقدة نوعاً .. 
حين تركتك خطيبتك حتمًا أرادت أن تبرر لنفسها أنك شخص سيء .. 
وبالتأكيد رمتك باتهامات عجيبة .. وألصقت بك صفات سيئة ليست فيك أصلًا .. 
كيف عرفت ؟ هذه هي القصة دائمًا يا صاحبي .. حدثت معي ومعك ومع الكل .. 
الفكرة هنا أن هذه الاتهامات الكاذبة تؤلمك حتمًا .. وتشعر أنك لست سيئًا كما تقول هي .. وتشعر بالظلم والقهر أنها تركتك بسبب صفات ليست موجودة فيك أصلًا !! 
حسن .. الحل هنا هو أن تكتسب هذه الصفات فعلًا !! 
لا تجعلها كاذبة في حرف واحد ... هي قالت عنك أنك وغد حقير .. إذن يجب أن تستحق هذه السمعة ! 
كن وغدًا حقيرًا بنفس الطريقة التي اتهمتك بها بالضبط ! 
كأنك توجه رسالة صامتة باردة "نعم أنا كذلك .. ما المطلوب ؟" 
قد تكون نصيحة غريبة .. لكن صدقني ستشعرك بتحسن غير مسبوق .. وعن تجربة !! 

4- برود القاتل المتسلسل .. 

عليك بالبرود يا صاحبي ... لا تفكر باحتمالية أن تعود إليها ولو بنسبة 1% .. انتهى .. لا عودة .. القاتل المتسلسل يعرف بعد ضحيته الأولى أنه لا عودة ... 
لا تفتح صفحة الفيس بوك الخاصة بها لتتابع أخبارها مهما حدث .. هي تجربة وانتهت .. حتى لو حدثت محاولات للصلح .. 
لا يوجد شخص غير قابل للتعويض ... ولا داعي للأفورة .. هي مجرد فتاة قد تتزوج الأجمل منها شكلًا وصفاتًا ... 
أذكر أني كنت مع أحد أصدقائي في سيارته .. ورأينا خطيبتي الأولى السابقة مع زوجها في الشارع .. فقمنا بعمل زفة كلاكسات على سبيل التحية !! 
لم أشعر بأي ضيق أو ألم .. برود القاتل المتسلسل !! 
كن واقعيًا ... أنت كشاب شرقي لا تعرف معنى الحب أصلًا ... تعاملك مع الجنس الآخر غير كافٍ .. لذا فحين تتعامل مع فتاة عن قرب ستقوم بتركيب عواطفك الجاهزة عليها .. وتتوهم أنك تحبها بجنون .. في حين أن كل ما في الأمر أنه لم يكن هناك غيرها أصلًا !! 
لذا قد تلاحظ أن صديقك الذي يعرف فتيات كثيرات .. قد يظل بلا زواج أعوامًا طويلة .. لأن رهبة التعامل مع الجنس الآخر اختفت .. فصار اختياره لواحدة يراها تستحق أن يكمل معها هي فقط صعبًا جدًا ! 
لتكن هذه نقطة انطلاقك ... هي مجرد فتاة لا أكثر ولا أقل .. قابلة للتعويض بسهولة شديدة .. 

5- لن تنسى .. 

نعم .. أنت لم تقرأها خطأ .. أنت لن تنساها .. وإذا حاولت أن تنسى فسيزيد ألمك أكثر .. 
اسمح للذكريات أن تزورك دائمًا حتى تزهدها وتمل منها ... ومع الوقت ستصبح الذكريات مجرد أحداث مررت بها .. ولا تمثل لمشاعرك أي شيء .. 
أصلًا لا يجب أن تنسى أي تجربة مررت بها .. بل يجب أن تخزنها لتتعلم ولا تقع في أخطاءك القديمة ! 
أما إذا كنت تقول "وحشتني أوي ولسة بفكر فيها" فأنت لم تقرأ المقال من بدايته ... 
الآن وصلنا للنصيحة الأخيرة .. وهي الأهم من وجهة نظري .. 

6- لا ترتبط أصلًا !! 







Friday, July 5, 2019

سدة كتابية


سدة كتابية 

وما أدراك ما السدة الكتابية !! 

هل رأيت سيارة انسد شكمانها من قبل ؟ 

ترتجف السيارة غيظًا .. وتأبى أن تعمل إلا بعد معاناة .. وحتى إذا تحركت .. يتعالى سبابها على صورة دخان أسود ورائحة بنزين محترق قميئة تلعن العالم كله ! 

هذا هو إحساس السدة الكتابية .. 

رأسي مفعم بالأفكار .. لكني عاجز عن كتابة سطر واحد .. 

يمكنك رؤيتها واضحة في فيلم ستانلي كوبريك العبقري "البريق" .. يعجز جاك نيكلسون عن الكتابة .. وفي محاولاته يكتب على عشرات الأوراق جملة واحدة "كثير من العمل دون لعب يجعل جاك ولدًا غبيًا" .. ثم يحمل فأسه ويقرر قتل عائلته !! 

طبعًا لن يصل الأمر معي إلى هذا الحد .. لكنه سيء بما يكفي !! 

لذا قررت اللجوء إلى ورقة أخيرة أدخرها للأزمات .. 

أفتح برنامج Microsoft Word .. وأكتب أي شيء يخطر على بالي دون تنسيق أو مراجعة أو حتى التزام بأساسيات كتابة المقال !! 

إذن دعنا نبدأ على الفور قبل أن يمل القهوجي من طول جلوسي .. كما أني جائع بصراحة وأريد العودة للبيت للغداء .. 

بمناسبة الطعام .. مررت بخبرة غريبة جعلت نظرتي له تتغير نوعًا ما .. 

حين كنت أعمل في دولة مالاوي بجنوب أفريقيا .. وفي يومي الأول أخبرني الزملاء المصريون هناك أنه لا يوجد جبن في مالاوي ! 

لا جبن أبيض .. لا جبن قريش .. لا جبن تركي .. 

هناك فقط أنواع مستوردة وأسعارها أغلى من اللحوم بعشرة أضعاف .. وتباع في المدن الكبرى فقط !! 

لم أشعر أن الوضع خطير إلى هذا الحد .. أنا لا أحب الأجبان أصلًا ! 

ومن يحب الجبن ؟ ألا تشعر بالضيق حين تجوع فتقول لك أمك "في جبنة في التلاجة" ؟ 

لكن الإنسان غريب حقًا .. 

حين اختفى الجبن .. بدأت أفتقد حقًا "ساندوتش الجبنة بالطماطم" .. أمر غريب خاصة أني لا أحب الطماطم أيضًا !! 

وحين عاد أحد المصريين من الإجازة السنوية حاملًا صندوقًا به 24 علبة من الجبن .. أقمنا احتفالًا يشبه احتفالات القرابين الوثنية حولها !! 

يكفي أن أقول أننا كنا 5 أفراد فقط .. وكنا في كل وجبة نفتح علبة وزنها نصف كيلوجرام ونضعها بالكامل في الطبق .. ونفترسها حتى آخر لحسة ! 

وكلما جاع أحدنا يفتح علبة أخرى .. لينقض الآخرون ويأكلوا معه !! 

وهكذا انتهى صندوق الجبن في حوالي 4 أيام فقط !! 

وهكذا عدنا للأيام الكئيبة دون جبن من جديد !! 

ولكني بعد عدة تجارب نجحت في تصنيع الجبن القريش عن طريق الحليب والخل .. 

يومها أيقظت كل من بالمنزل أبشرهم بالاختراع .. هل تذكر فؤاد المهندس حين ظل يركض صارخًا "المكنة جابت قمااااااااش" ؟ هل تذكر احتفال هدف أبو تريكة في الصفاقسي التونسي ؟ 

يمكنك إضافة "حسام عمل جبنة" إلى هذه الاحتفالات الأسطورية !! 

هيييييييححححححح .. أيام مجيدة .. 

أستمع الآن إلى أغنية لرشا رزق من أحد أفلام سبيس تون .. اسمها "كلما زارنا طيف حب لا ينام" .. كيف لا تعامل رشا رزق هذه معاملة أم كلثوم وشادية وفيروز ؟ صوتها رائع فعلًا .. 

بمناسبة سبيس تون ..من مميزات اعتزال البشر مع العزوبية ووجود انترنت سريع في البيت أنك تستطيع استعادة ذكرياتك كما تريد دون أن يقاطعك صديق ما .. أو فتاة تريد من يحتويها ويهتم بها لأنها مكتئبة لأن صديقتها انتقدت لون حقيبتها !! 

قررت مشاهدة أفلام الكارتون القديمة التي كنا نشاهدها في الماضي على سبيس تون .. 

كنت أعرف أن هذه الأعمال حين يتم دبلجتها يتم قص أي مشاهد تراها القناة غير مناسبة لثقافتنا الشرقية .. 

لذا قررت مشاهدة النسخ الأصلية المترجمة من "الأنمي" كما يسميه هواة هذه الأمور .. 

لكن هؤلاء يشاهدون مسلسلات جديدة غالبًا لم تعرض في البلاد العربية من الأساس .. 

أما أنا فقد بحثت مثلا عن مسلسل "النمر المقنع" .. واكتشفت أمرًا مضحكًا .. 

ففي نسخة سبيس تون لم يظهر الشرير الرئيسي نهائيًا تقريبًا طوال المسلسل .. وكنا نسمع صوته فقط دون ظهوره .. وافترضنا جميعًا أن هذا لأنه شرير غامض لا يعرفه أحد .. 

وحين انكشف في آخر حلقة قالوا أنه مصارع أجنبي اسمه "خوسيه سانشيز" !! 

لكن الحقيقة في النسخة مختلفة تمامًا .. 

فذاك الشرير كان ملك دولة عربية .. ظهر طوال المسلسل مرتديًا الثوب وغطاء الرأس العربي ومحاطاً بالجواري الحسان !! 

بل ولم يكن هدفه "السيطرة على العالم" كما قالت النسخة المدبلجة الساذجة .. 

هو ببساطة كان يريد الاستحواذ بأمواله على الاتحادات الرياضية .. كما ترى هذا ما يحدث الآن بالفعل !! 

وحين رفض المصارعون والمسئولون هذا وعلى رأسهم النمر المقنع .. قرر تحديهم .. 

فهو سيرسل المصارعين الواحد تلو الآخر لمواجهة النمر .. وإذا نجح أحدهم في هزيمته يعلنون موافقتهم على استحواذه على المصارعة اليابانية .. 

وانتهى المسلسل نهاية عميقة .. بأن شعبه ثار عليه وأسقطوا حكمه وأحرقوا قصره وهو منشغل بصراعاته في اليابان !! 

تخيل أن كل هذا تم اقتطاعه من المسلسل .. بالإضافة إلى أي مشاهد عنف .. تخيل أن تحذف مشاهد عنف من مسلسل يتكلم عن المصارعة !!! 

كما أني اكتشفت أن للمسلسل جزءاً أول تم عرضه في الستينات .. وجزءاً ثالثًا عرض في 2016 و ... 

لحظة !! يمكنني ادخار هذا وكتابة مقال عن النمر المقنع .. فكرة رائعة ! 

إذن ننتقل لموضوع آخر .. 

لحظة .. سأرد على الهاتف وأعود إليك .. 

ها .. عم كنا نتكلم ؟ عن الطعام ؟ 

أنا جائع حقًا .. 

ربما إذا عرفني شخص منذ 10 أعوام .. سيذهل عندما يراني لم تعد لدي أي اهتمامات سوى الطعام والنوم .. 

كنت في الماضي مليئًا بالحماس .. ولدي خطط ثورية لرفع مستوى الوعي عند الشعب .. وكنت أحمل هموم العالم على أكتافي .. 

عودت نفسي حينها على النوم 5 ساعات يوميا فقط .. كنت أعود من العمل لأرتب لندوات ومناقشات وأصمم إعلانات على الفوتوشوب وأكتب مقالات و .. و .. 

أما الآن فأنا لا أفكر ألا في العمل .. والنوم .. والأكل .. 

وأشعر بالحنين إلى السرير كلما تركته .. وألمس الحب مع كل اصبع ممبار أو محشي .. والسعادة تحولت إلى بيتزا من مطعم ما .. أو وجبة بحرية مصنوعة بإتقان .. 

والغريب أني أشعر براحة أكثر .. واتضح أن الكلام عن الإيجابية وضرورة التحرك ووجود هدف لحياتك مجرد أكاذيب من بكابورت مدربي التنمية البشرية المفتوح في بلادنا حاليًا ... 

أذكر في مرة أننا نظمنا ندوة تنمية بشرية لإحدى المدربات .. 

بدأت الندوة بتوزيع أوراق على كل الحاضرين .. على أن يكتب كل واحد منهم حلمه فيها ... 

ثم جمعت الأوراق وبدأت أسئلة من نوعية "إسلام بيقول نفسه يتعلم إنجليزي .. تنصحوه بإيه؟" 

وهكذا .. وحين أنهت كل الأوراق طلبت منها أن نوقف الندوة للراحة مدة عشر دقائق .. لتقول ببساطة "لا ملهاش لزمة أنا تقريبًا خلصت" .. هكذا ؟ بهذه البساطة ؟ 

هل هذه تنمية بشرية ؟ أنا بشري ولم أشعر بأي نمو بصراحة !! 

شعرت بالخجل .. وظننت أن الحاضرين سيهاجموننا على هذا العته الذي فعلناه .. 

لكنني فوجئت أنهم كانوا في غاية السعادة .. بل وطالبونا بتكرار مثل هذه الندوات المفيدة !! 

ذكريات زبالة .. 

ما علينا .. وصل المقال إلى 1090 كلمة .. كم أنا رائع !! 

تخيل أني أعاني سدة كتابية وأكتب مقالاً بهذا الحجم !! 

أما الآن فهو الوداع .. سايوناراااااااااااااا