كوروكو هو التصحيح
انتشر مؤخرًا أن الفيلم الذي سيحقق جائزة الأوسكار بداية من عام 2024 لا بد أن تتوفر فيه بعض المعايير ..
أولًا أن يكون واحد على الأقل من الممثلين الرئيسيين ينتمي لمجموعة عرقية مختلفة .. آسيوي أو إسباني أو أسمر البشرة أو أي عرق آخر ..
وأن تكون هناك نسبة لا تقل عن 30% من الأدوار الثانوية تتكون من النساء أو ذوي الإعاقات المتنوعة أو المثليين جنسيًا !
والشرط الأخير هو أكثرهم إثارة للضحك .. إذ لابد أن تتمحور القصة الرئيسية للفيلم حول مجموعة من الأقليات السابق ذكرها !
أنا لست شخصًا عنصريًا .. لكني أبغض الـPolitical correctness بشدة ..
ترجمتها الحرفية هي "التصحيح السياسي" .. لكن أقرب معنى لها هو تسييس الإبداع ..
يا أخي فلنفترض أن هناك فكرة عبقرية لفيلم .. لكن لا مكان فيها لتلك المجموعات العرقية .. !
تخيل فيلمًا عظيما مثل "الهروب الكبير" لا يترشح لأي جائزة لأنه ببساطة لا يمثل فيه إلا الرجال .. إنهم يهربون من السجن يا جدع ..
في الماضي كان صناع الأفلام يتعمدون لوي ذراع القصة ليجعلوا جزءًا منها يدور في دولة آسيوية .. لتسهيل تسويق الفيلم في هذه الدول ذات التعداد السكاني الضخم .. وبالطبع المكاسب الوفيرة ..
بل إن الأمر تسرب لكرة القدم .. فتجد ناديًا مثل "انتر ميلان" يحتفظ بلاعب أحمق عديم الموهبة اسمه "ناجاتومو" .. لمجرد أنه ياباني الجنسية ويزيد من شعبية ومبيعات قمصان الفريق في آسيا !
لكن الوضع الحالي أصبح خطيرًا .. فلم يعد الأمر لمجرد التسويق .. بل أصبح بالإجبار !
دعك من أن هذه المعايير تحمل بين طياتها عنصرية حقيقية .. أنت تعامل مجموعات عرقية كاملة كأنهم مجموعة من الغنم .. لا يستطيعون تدبر أمرهم أو يمتلكون الموهبة اللازمة للوصول للقمة ..
كما كان والدك يجبرك على الذهاب مع أخيك الأصغر في أي مكان .. لأنه ساذج ولا يستطيع فعل شيء وحده !!
هل كان "جاكي شان" أو "بروس لي" يحتاجان لمعايير حتى تنتشر أفلامهما ؟
هل ممثل عظيم مثل "ويل سميث" أو "إدريس ألبا" بحاجة لقرار حكومي لتتصدر أفلامهما القمة ؟
هل "ساندرا بولوك" و "آن هاثاواي" بحاجة لإجبار حتى يحصلن على أدوار البطولة ؟
ربما كان من الأفضل أن يتم اتخاذ تدابير ضد العنصرية ..
ويتم استبعاد المخرج أو شركة الإنتاج التي تفرق في المعاملة بين الأعراق .. وأن يتم المساواة في الفرص بين الجميع .. وأن تنتصر الموهبة وحدها ..
الحل ليس أن تخرج "وارنر براذرز" لتعلن أنها ستنتج فيلمًا لسوبرمان أسود البشرة .. حدث بالفعل !
كونك أصلًا تعتبرها "أقليات تستحق الرعاية" هو عنصرية رهيبة .. يكفي أن أقول لك أن الأوروبيين احتلوا أفريقيا بالكامل في الماضي تحت حجة رعايتهم وتنظيم دولهم .. وأن هؤلاء الأفارقة حمقى ولا يستطيعون تدبر أمورهم .. وتصدرت حملاتهم عبارة مستفزة هي "عبء الرجل الأبيض" !
الآن تصدرت نفس العبارة في مجال الإبداع ..
الرجل الأبيض يرى أن الأعراق الأخرى "غلابة" ويستحقون الصدقة .. إذن تعالوا نحتضنهم ونربت على أكتافهم وندعوهم للعب معنا !
لذا أصبت مؤخرًا بالقرف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات الجديدة ..
هناك مشاهد موجهة مقحمة في العمل بلا أي داع حقيقي في القصة لمجرد إرضاء جميع الأطراف ..
يكفي أن هناك مسلسلًا كنت أتابعه .. تحولت إحدى بطلاته فجأة للشذوذ الجنسي .. بلا أي داعٍ أو هدف !
تريدون تصحيح المعايير ؟
تريدون أن تكون الأعمال الفنية هادفة ؟
إذن لما لا تتعلمون من مسلسلات الأنيمي الياباني ؟
رشح لي أحد منذ فترة مسلسل أنيمي رياضي اسمه "كوروكو" .. فقررت أن أشاهده ..
وانبهرت من الحلقة الأولى !
بطل المسلسل "كوروكو" هو فتى نحيل ضعيف البنية .. عديم الكاريزما .. لدرجة أنه حين تقدم لاختبار فريق كرة السلة بمدرسته لم ينتبه أحد لوجوده أصلًا !
صموت خجول انطوائي على عكس الأبطال الآخرين الضخام مفتولي العضلات أصحاب الحماس والصوت العالي ..
ليتضح فقط أن هذه هي موهبته .. فهو يستغل عدم اهتمام الفريق الآخر بوجوده .. واختفاءه في الملعب أغلب الوقت .. فيخطف الكرات ويعطي تمريرات سريعة عبقرية .. ولا يستوعب المنافس من فعلها إلا حين تدخل الكرة السلة !
وليكتمل الجمال .. هناك بطل متحمس تقليدي آخر في الفريق .. ضخم وقوي وموهوب ووسيم وله عينا نمر يقظ .. ويوضح لك المسلسل طوال الوقت ودون إقحام أو إجبار .. أن التكامل بين الإثنين هو سر نجاح الفريق .. وتعاونهما وصداقتهما يخطفان القلوب بحق .. حتى أن الخصوم يعملون على التفرقة بينهما في الملعب للفوز !
هذا هو التصحيح المطلوب ..
هذا هو التقبل الذي سيفيد تقدم البشرية ..
أن يتقبل الجميع الاختلافات الداخلية .. الانطوائي والخجول والعصبي والأديان المختلفة والفكر المختلف ..
أما الأعراق الأخرى فلا تحتاج "حسنة" من هوليود ليظهروا على الشاشة .. لو أردت الإفادة فلتنتج أفلامًا عن العنصرية – التي بدأت في أمريكا وأوروبا أصلًا – وتحاربها ..
الاختلافات الشخصية يا سادة .. اختلاف التفكير هو المهم .. وهو ما يجب المناداة بتقبله .. أما من ما زالوا يقسمون البشر حسب لون البشرة والأعضاء التناسلية ودرجة ميل العيون فأمهم رقاصة ..

No comments:
Post a Comment