العاشر ..
عاشر مقال على المدونة !!
لم أتخيل أن أصل إلى هذا العدد .. في الواقع توقعت أن أصاب بالملل بعد المقال الثالث أو الرابع ..
حين كنت مهووسًا بتكوين الكيانات والفرق الثقافية .. كنا في كل مرة نفتتح موقعًا محترمًا .. ونبدأ نشر مقالاتنا .. ودائمًا كان كل شيء ينهار بعد مقالين فحسب ..
ما علينا ..
قد يفهم البعض مما كتبت أني مجرد مريض اكتئاب .. وأنها "فترة وهتعدي" أو "أنا كنت زيك كدة من كام سنة على فكرة" ..
لكن ما لم يفهمه أحد أن الأمر أكبر من تفاهة الاكتئاب ..
الفكرة أني اكتشفت زيف كل شيء .. وأن الحياة مجرد نكتة بايخة .. وطويلة جدًا ..
اكتشفت أن كل شيء بلا قيمة .. وأن "الكفاح" و "المعافرة" محض هراء لا يزيد عن معافرة ذبابة في البحث عن أكبر كوم زبالة في العالم !!
لكن الفرق بيننا وبين الذباب أننا نغطي الزبالة بمسميات براقة مثل "النجاح" و "الحب" ..
دعني أدخل في صلب الموضوع عن طريق مجموعة من القصص والأمثلة .. ولتفهم منها كما تشاء ..
أحد أصدقائي لن أقول اسمه حتى لا يقاضيني .. تعرف على عروس عن طريق الصالونات كالعادة ..
تبادلا الحديث لفترة معقولة .. وبدأ يشعر بميل نحوها .. لكنه ظل يشكو لي أنها تتعامل معه ببرود .. ولا يشعر أنها تميل له رغم أنها موافقة على الزواج منه ..
قلت له ببساطة وبصراحتي المعهودة أنها لم توافق عليه .. بل وافقت على ظروفه المادية ووظيفته وشقته ..
بمعنى آخر هو الاختصار العبقري .. خروفنا كبر ونريد تزويجه نعجتكم ..
هي علاقة هدفها بالنسبة لك إرضاء حاجاتك الفسيولوجية .. والشهوة العجيبة في نشر جيناتك في صورة أطفال أوغاد يحطمون بيتك في صغرهم .. ويصيبونك بالإفلاس في كبرهم ..
وبالنسبة لها فهدفها أن تهرب من العنوسة ..وتتفاخر أمام صديقاتها بك ..وتهرب من سيطرة أهلها لتسيطر عليك وعلى نفس الأطفال الأوغاد وتفرغ فيهم عقدها النفسية ..
لذا فعليه ألا يبحث عن قصة عشق وحب وسط كل هذا التلوث .. حقق أهداف العلاقة فحسب ليفوز جميع الأطراف ويعيشوا في تبات ونبات حتى يغيبوا في القبر !!
لا أعرف لماذا لم يعجبه كلامي .. رغم أنه مغلف بالصدق !
تسألني ماذا لو وجدت الحب ؟
***
" بعد شهور تتحول أحاديثهما إلى العفش والأجهزة و"ماما زعلانة منك عشان ماكلمتهاش في عيد العمال" أو "بابا مصمم إن الستاير عليك عشان الشقة صغيرة" ..
وتختفي الفتاة المستقلة القوية ... ويصبح كل تفكيرها أن يرضيها ويرضي أهلها .. وأن تختار العفش على مزاجها هي .. وأن تكون شبكتها أكبر من شبكة صديقتها ...
ويختفي الشاب الحنون المتفهم ... ويصبح حيوانًا لا يفكر إلا في مؤخرتها و ... إحم !
ويختفي الحب .. ويتحول إلى تعود مع عدم وجود الشجاعة لفسخ العلاقة !!
ويتحولان إلى نسخة من ملايين المرتبطين ... تمهيدًا للزواج والتحول إلى المنافسة في زيادة الوزن وحجم الكرش !! وتبادل السباب والضرب أحيانًا !!"
من المقال رقم 1 "لقد رأيت"
***
هذه القصة نموذج لخداع النفس .. نحن نكره أن نواجه أنفسنا بالحقيقة ..
عرفت فتاة في مشروع خطوبة .. قالت لي بالحرف "أنا مايفرقش معايا الماديات خالص .. كل اللي بطلبه بس يكون عنده وظيفة محترمة بمرتب كبير وشقة واسعة في منطقة كويسة .. ويجيب شبكة كويسة عشان بابا وماما يتبسطوا "
طبعًا هي مقتنعة تمامًا أنها رائعة ومكافحة .. ومستعدة لخنق أي أحد يقول لها أنها مادية قذرة !!
لكنه قاموس خداع النفس الشهير .. فهي ليست مادية لكنها تريد الأمان .. صديقك الواطي ليس واطيًا لكنها مشاغل الحياة هي السبب ..
أما الشخص الفاشل الذي لم يتحرك خطوة في حياته فهو "راضي بقليله" و "ده قدري ماقدرش أغيره" ..
أما الشخص الاستغلالي الأشبه بمصاص الدماء .. ويعتمد على غيره في كل شيء فيقول عن نفسه "ذكي وبعرف أتعامل وأوصل لهدفي" ..
أيام الكلية كنت في فريق من فرق الأنشطة .. لم ننجح في شيء واحد .. ننشر جريدة لا يقرؤها أحد .. نصور برامج على اليوتيوب لا يشاهدها أحد .. لكن الجميع ما عداي كانوا مقتنعين أننا رائعون .. وبعد كل فشل يقيمون حفلًا ويشترون كعكة كبيرة بمناسبة النجاح العظيم !!
الخداع والتصنع .. هما اسم اللعبة ..
أيام تنظيم الندوات والإيفنتات كنت أجد الحاضرين في قمة الرقي والتحضر .. مناقشات كتب .. أفلام .. دعم نفسي .. حتى لتشعر أنك وصلت أخيرًا لراحتك وتكاد تبكي من فرط اللذة !
طبعًا اتضح مع الوقت أن جميع الشباب مجرد "حكاكين" .. جاءوا بهدف شقط البنات .. أما البنات فهدفهم الظفر بعريس لن يراها إذا ظلت جالسة في البيت !
دعني أسألك سؤالًا .. كم مرة تكون لديك انطباع أولي مبهر بشخص ما .. ثم حين اقتربت منه صدمت أنه لا يستحق انبهارك ؟
هذا هو مربط الفرس .. الجميع مزيفون .. يرشون أطنانًا من المعطر على الزبالة المتكومة بداخلهم .. لكن مع الوقت لا بد أن تفوح رائحتها !!
تخيل أن تسافر لتعمل مع منظمة تنموية إلى قلب أفريقيا ..
حتمًا ستظن أنك ستتعامل مع بشر أقرب للملائكة .. هؤلاء أناس تركوا كل شيء ليذهبوا إلى ألعن المناطق فقرًا ليساعدوا أهلها .. ياللروعة !!
لكنك تكتشف أنهم مجرد لصوص .. يأتيهم تبرع بألف دولار .. فلا يصل للفقراء منها إلى مئة !!
هذا ما حدث معي حرفيًا بتفاصيل مرعبة .. مثل فواتير مزيفة ومصروفات وهمية .. وجدت توقيعي عليها !!!
بمناسبة الأعمال الخيرية .. لا أهضم أبدًا الفعاليات من نوعية "احتفال يوم اليتيم " .. هؤلاء مجموعة شباب وبنات يدعون أن نيتهم الخير .. لكنهم يقضون 90% من الاحتفال في التصوير والسيلفي .. هدفهم ببساطة صورة شخصية على الفيسبوك تقول للعالم "أنا بعمل خير يا ناس" .. ويكاد يبكي من فرط روعته !!
تذهب للتقدم لفتاة .. يسألون عن الظروف المادية ومساحة الشقة ووزن الشبكة .. لكنهم "احنا بنشتري راجل" ..
تتقدم لوظيفة ليفاجئوك بمرتب حقير .. لكن "احنا لسة في البداية وهنكبر سوا كفريق عمل"
كل شيء مزيف .. وكل تزييف له مبرر .. كل قذارة لها مبررات تجملها من صغيرها لكبيرها .. من أول غدر الصحاب وحتى احتلال دولة لدولة أخرى !!
كل هذا الزيف .. كل هذا التلوث .. ويريدون مني أن أترك سريري وقهوتي لأتفاعل معه !!
ما هذا أنت نائم ؟ انهض واسبح في الزبالة معنا وإلا فأنت معقد نفسيًا !!
في الواقع أنا لست مكتئبًا .. لكني نزعت الغشاوة التي تمنع عيني من رؤية الحقيقة ..
أصبحت أرى كل شيء واضحًا .. ولم أعد قابلًا للخداع ..
تحولت إلى مراقب ساخر .. أشاهد نكتة الدنيا البايخة من بعيد منتظرًا نهايتها .. وأترفع عن المشاركة فيها .. فاللغوصة في البكابورتات لم تكن ضمن هواياتي يومًا ..
كل عشرة مقالات وأنت طيب ..

No comments:
Post a Comment