تأملات الفرح !!
كلما حضرت حفل زفاف .. أعجز عن المشاركة في أي طقس من طقوس الحفلات المستحدثة تلك .. من الرقص والتنطيط و (صحاب العريس ييجوا كلهم عالستيدج) .. و المهرجانات التي أعتبرها وسيلة تعذيب رهيبة تسبب الصرع .. وربما يجب أن يتم إعادة إنتاج فيلم "البرتقالة الميكانيكية" ويستخدموا المهرجانات لغسيل مخ البطل هذه المرة !!
المهم أني أجلس منزويًا في حفلات الزفاف .. مصابًا بالصداع من الإزعاج الرهيب .. وأتمسك بمقعدي بقوة لأمنع أي أحد من سحبي عنوة لأشارك في الرقص !
في جلوسي أكتفي بتأمل من حولي ..
بداية لا أستطيع تفويت تأمل وجوه العاملين بالقاعة !
يكاد الملل يقطر منهم .. كل يوم نفس الكلام .. نفس الأغاني .. نفس الابتسامة الزائفة التي يضطر لاصطناعها ليحافظ على أكل عيشه ..
في إحدى القاعات النصابة كان من ضمن فقرات الحفل "العرض النوبي" ..
طبعاً لم يخرج العرض عن شاب أسمر تعس من العاملين بالقاعة يرتدي ثيابًا نوبية ويرقص على مهرجان فرتكة فرتكة !!
لكن المثير أنه لم يكن يبتسم حتى !
أتخيل نفسي عريسًا .. أعامل هذا اليوم على أنه أهم يوم في حياتي .. ثم أنظر لوجوه هؤلاء وأشعر بالخجل لأنهم يرون مثل هذا اليوم مئات المرات !
شعور ممض قميء بلا جدال !
لا تصدقني ؟ تخيل إذن أن تكون في قمة سعادتك .. وهؤلاء يقولون في قرارة أنفسهم "يا جدعان خلصونا بقى من الليلة دي عايزين نروح"
تذكر كيف كانت فرحتك بالملاهي في طفولتك تتعكر إذا كان والدك ملولًا يتمنى أن تنتهي سريعًا من اللعب لتعودوا إلى البيت !!
أتابع التأمل ..
غالبًا يكون هناك واحد من أهل العريس غير مقتنع بالزيجة ..
تعرف طبعًا أن "القرد في عين أمه غزال" .. في الأغلب هناك واحد من الأهل لا تعجبه العروس أو لا يعجبه أهلها .. أو غالبًا يظن أن العريس أبله ومخدوع و "البت ممشياه على مزاجها" ..
ستراه غالبًا جالسًا على الطاولة وحيدًا .. يصطنع ابتسامة على وجهه ..
لحظة .. نسيت أن أكلمك عن ال"دي جي" ..
يبدأ الفرح دائمًا بمقدمة بالإنجليزية ليوحي بالرقي .. ودائمًا تكون المقدمة مليئة بالأفورة .. ويقدم العروسين بلقب الملك والملكة !!
طبعًا لا بد من "طليييييييييييي بالأبيض طلييييييييييي" التي أظن أن ماجدة الرومي ندمت على غنائها يومًا !
ثم ينتقل إلى أسماء الله الحسنى .. فأغنية راقية للرقصة "السلو" .. ثم تبدأ فقرة فرتكة فرتكة والأغاني الشعبية الهابطة !
ولا تقل لي أن العروسين يختاران الأغاني .. هذا لا يحدث .. في أحد الأفراح تشاجر العريس مع الدي جي لأنه لم يشغل أغنية واحدة مما أعطاها له !
وسألني إن كانت معي أي أغانٍ أعطيها له لأنقذ الموقف !!
طبعًا أنت تعرف أن أغاني مثل "جيفارا مات" و "سجن بالألوان" لا تصلح للحفلات .. لذا يضطر للخضوع لسيطرة الدي جي !!
ودعني أحدثك عن "الزفة" ..
غالبًا تتأخر العروس عند الكوافير .. ويصاب العريس بتوتر قاتل .. ثم تطير بهم السيارة إلى القاعة .. ليظلا واقفين ساعة على الأقل .. ويأتي العاملون بالقاعة الذين ذكرتهم من قبل .. ليغنوا بصوت قبيح "بسم الله الرحمن الرحيم وهنبدأ الليلااااااااه" .. بوجوه خالية من التعبيرات ..
أتأمل وجه العروسين .. العريس يشعر بالإرهاق ويتمنى أن يجلس ولو ربع ساعة .. لكن هيهات .. أنت الضحية الليلة .. استعد لتقديم نفسك كقربان للدي جي الذي سيتحكم فيك كالعبد طوال الليل !
تأمل وجوه المعازيم ..
منهم الأقارب ممن لم ير العريس أو العريس سوى مرتين في حياته .. لكنه البروتوكول الصارم الذي أجبر العريس أن يدعوه .. وإلا كان قليل الأدب !!
لا بد من شلة "عواجيز الفرح" الذين هم بالمناسبة ليس لهم عمر محدد .... قد يكونون في العشرين أو الستين .. لا فارق ..
ينتقدون دائمًا أي شيء .. بدءًا بالقاعة وحتى طرحة العروس وشعر العريس !!
أعرفهم بسهولة حين أراهم من بعيد .. يتكلمون دون أن ينظروا لبعضهم .. بل ينظرون إلى ما ينتقدونه !
دعك طبعًا من بعض أصدقاء العريس والعروس الذين جاءوا بحثًا عن الزواج أو الشقط على أقل تقدير .. لن أكلمك عنهم لأنك حتمًا رأيتهم كثيرًا إن لم تكن منهم أصلاً !
يغلف الأفراح دومًا جو مصطنع من الفخامة والرقي .. يحشر الرجال أنفسهم في البدلة الخانقة .. والنساء في الفساتين مع طن من مساحيق التجميل ..
جو كريه أبغضه بشدة .. ولا أفهم ما الضرورة له أصلا !!
هل فهمت ما أتكلم عنه في المقال ؟
90% تقريبًا من الحاضرين ليسوا سعداء !
أي أنك كعريس تدفع دم قلبك في الفرح .. لتكون تعيسًا .. وتنشر تعاستك على المحيطين بك !!
تدفع المال ليعاني الانطوائيون وكارهوا الضجيج .. ويعاني العاملون بالقاعة .. وينتقدك عواجيز الفرح !
تدفع إتاوة حتى لا يغضب أقاربك الذين لم ترهم أصلًا .. لأنك لم تدعهم لزفافك !
تدفع المال لتتم "فرهدتك" من الدي جي طوال الليل .. ولا تجد خمس دقائق للراحة !
ويمتد الفرح خمس ساعات من التعذيب المستمر ..
كل هذا وأتساءل ..
ما الداعي أصلًا ؟
ما الداعي للـ"فوتوجرافر" وعشرة آلاف صورة بابتسامة زائفة ليوم ستنساه وسط أحداث الحياة والمعركة التي ستدخلها لتستطيع فتح بيتك ؟!
ما سبب إقامة الأفراح بتلك الطريقة العقيمة ؟
غالبًا يكون السبب "عشان الناس ماتاكلش وشنا" .. و "لازم فرح كبير طبعًا هو أنا مش زي بقية البنات ولا إيه ؟ "
حضرت أفراحًا بسيطة في مالاوي .. مدتها ساعة واحدة .. وأشهد أني شعرت بالسعادة أكثر من الأفراح السخيفة عندنا .. مهما كانت درجة قربي من العريس ..
ساعات من الزيف والفرهدة والإرهاق .. كل هذا مدفوع الأجر بمبلغ محترم !
وفي النهاية يقولون أني أنا المريض النفسي !!
زمن !

وأنا إللي فاكرك نينجا طلعت كوري ��
ReplyDeleteعلي فكرة بقي أنا فرحي كان مفهوش ضحيج و كان ساعتين منهم ساعة تقريبا للشيخ ��
------------------
بهاء