مقال ضد الدين
كانت غلطة حمقاء ..
نعم ..
أخطأت حين عدت للكتابة عن الشأن العام ..
فالتعليقات والآراء على المقال السابق .. وعلى الفيسبوك في الفترة الأخيرة كانت كفيلة برفع ضغط دمي إلى أرقام فلكية .. وجعلتني أبحث عن حذائي .. لا لأضرب به المعارضين .. بل لأضرب نفسي بها لأني خرجت من قوقعتي وقررت إبداء رأيي ..
على أية حال من السهل دائمًا أن تعيش دور حامي حمى الدين طالما لا تفعل أي شيء إلا بعض البوستات العبيطة على الفيس بوك .. فإذا كانت البوستات تريح ضميرك وتسمح لروح صلاح الدين الأيوبي أن تتلبس جسدك الفاني .. فافعل يا صديقي .. لكن دون أن تشكك في ديني إذا سمحت ..
ولا داعي لتعليقات من نوعية "انت مش عاجباك الشريعة الإسلامية ولا إيه ؟" .. فأنت تعرف أن رأيك في شخصي يهمني لأنك شخص عظيم ومهم .. ولا أستطيع النوم ليلًا إلا حين أطمأن أنك منحتني بركاتك المقدسة ..
لا أعرف .. لعل أحد أسباب ما وصل إليه تفكيرك هو الجهل .. فلم يعد أحد يقرأ هذه الأيام .. وأصبحت فيديوهات اليوتيوب بديلًا كارثيًا للقراءة !
لا تغضب .. أنا قلت أنه واحد من الأسباب فقط ..
أما اليوم فقد قررت أن أرد على كل من هاجمني بهذا المقال المهم .. مقال ضد الدين ..
نعم .. أنت مهم وخطير فعلًا يا صديقي .. وتستحق أن أكتب مقالًا كاملًا للرد على رأيك .. وضد الدين !
وأصل الحكاية أنه منذ أعوام عديدة في جمهورية ناورو التي تقع في أرخبيل مايكرونيزيا .. ظهرت مجموعة تدعو إلى ديانة جديدة تدعى "الزنزدية" .. أتمنى أن أكون قد ترجمتها بشكل صحيح !
هذه الديانة العجيبة تحرم على متبعيها الأكل المطبوخ !
نعم .. تخيل أن تقضي حياتك كلها لا تأكل إلا الخضروات الطازجة والفاكهة .. وإذا كانت نفسك حلوة يمكنك التهام اللحم نيئًا دون طهي !
لذا قررت أن أعلن رفضي لهذا الدين .. وأني ضده على طول الخط ..
وهذا عن طريق ترشيح عدد من المطاعم لك في الاسكندرية .. حيث يمكنك تناول أشهى المأكولات المطبوخة ..
ولتذهب الزنزدية إلى الجحيم .. "إذا اتضح أن أحد الزنزديين المتدينين يقرأ هذا المقال فسأمزق شراييني" ..
ما تيجي نشوف ؟
أولًا : مطعم أولاد عبده – شارع العطارين :
لم أؤمن يومًا بمقولة "العين تأكل قبل الفم" .. التي تدعو لتزيين أطباق الطعام وتقديمها في صورة فاخرة ..
ما فائدة طعام فاخر الشكل لكن مذاقه سيء أو كميته قليلة ؟
ومطعم أولاد عبده هو نموذج لخطأ هذه المقولة ..
هو ليس مطعمًا بالمعنى المفهوم .. هو محل بقالة في الأساس .. لكنه يحوي "فاترينة" ساندوتشات ترى من خلالها عدة صواني كئيبة المنظر .. ويقف خلفها شخص ضخم الجثة رث الثياب ..
ستتقدم وترى قائمة الأصناف المكتوبة على لوح ورقي ممزق .. وستخبر الضخم بما تريده من ساندوتشات .. وتأكل على الواقف !
لحم بالجبن .. لحم بارد .. جمبري .. جبن .. دجاج .. كفتة .. كبدة .. سدق ..
سيقدم لك "سيرفيس" بائسًا يشبه ذلك الذي في السجن .. مع فارق مهم أن سرفيس السجن يتم غسله بانتظام ..
لكن كل هذا البؤس سيختفي تمامًا حين تتناول أول قضمة .. !
إحساس لن تشعر بمثله أبدًا !
شعور الإغريق حين رأوا "بندورا" .. أول امرأة في التاريخ ..
لعل هذا ما شعر به الإنسان البدائي حين رأى شروق الشمس للمرة الأولى ..
هو خيال حشاس في جلسة أنس في غرزة قذرة ..
أي سحر يضعه هذا الرجل في ساندوتشاته البائسة تلك ؟
سحر قد لا تفيق منه إلا وأنت تتناول الرغيف الخامس عشر .. وتتساءل كم واحد آخر ستطلب !
المشكلة الحقيقية أنك ستنسى العدد .. وهي أزمة عارمة حين يأتي وقت دفع الحساب .. فقد تفاجأ بمبلغ رهيب يفوق ما بجيبك !
لذا أنصحك أن تصطحب صديقًا صائمًا معك .. ليوقفك عند حدك كما يفعل من يتعاطون عقار الهلوسة ..
أذكر أني اصطحبت مجموعة من أصدقائي إليه .. وظللنا نأكل دون توقف حتى أننا دفعنا مبلغًا فلكيًا يكفي طلعة إلى الساحل !
ثانيًا : ملك الفول بالسدق – قرب قهوة فاروق :
المحدثون والهواة قد يكلمونك عن مطعم "صواريخ" في بحري ..كرمز لمحلات الشطائر الشعبية ..
لكني محترف وخبير .. وأقول لك أن صواريخ سيء فعلًا ..
عليك يا صديقي بملك الفول بالسدق ..
محل بائس صغير قرب الترام عند قهوة فاروق .. يقف فيه شاب ملتح بشوش ..
طبعًا من الواضح أنه مشهور بساندوتشات الفول بالسدق .. هو الوحيد الذي يقوم بفرم السدق مع الفول .. لتتناول مزيجًا قد يشعرك بالرضا عن حياتك والكون بأكمله !
ولا تنسى الكفتة !
أقراص الكفتة المشوحة على الجريل مع الفلفل الحار والبصل .. ويقدم لك طماطمًا متبلة لا مثيل لها فعلًا !
والفلافل المتقنة .. لا تنقص عجينتها جرامًا من الخضر أو الفول المدشوش .. ولولا المبالغة لقلت أنه يقف أمام المقلاة حاملًا "ستوب ووتش" كما كان يفعل الأخوان ماكدونالدز في مطعمهما الأول لضمان جودة القلي !
الآن أظنك تريد تحلية بعد الوجبة .. تقول لي نذهب للشيخ وفيق ؟ غشيم !
تعال نتعمق في بحري أكثر ..
ثالثًا : عليكا – الأنفوشي
محل قذر آخر .. لا تذهب هناك بسيارتك لأن المكان خطر فعلًا ..
ستشتري منه ألذ طبق أرز باللبن ستأكله .. طبق ؟ لا ليس طبقًا .. بل حلة !
سيبيعك حلة رز بلبن صغيرة وبسعر لن تصدقه .. غارق في القشطة وعسل النحل ..
سينزل الأرز باللبن كالبلسم داخل معدتك فوق أكوام السدق واللحم بالجبن والكفتة .. وستتطاير العصافير من حولك مثل سنو وايت وهي تغني .. وستشعر بنسمات باردة كأنها من الجنة رأسًا !!
إذا شعرت بالوخم بعدها .. يمكنك أن تتمشى حتى محطة الرمل وتذهب إلى بن العميد و ...
لكن القهوة والقهاوي موضوع آخر .. قد أحتاجه إذا اختلفت مرة أخرى مع الأخوة حاملي مفاتيح الشريعة .. لنأجله إذن ..
وآخر كلمة للجماعة الزنزديين ... عليكم اللعنة يا كفرة ..
هكذا تكلم زرادشت !
سلام

No comments:
Post a Comment