Friday, July 3, 2020

الحرب على الدين


الحرب على الدين !

أنت تعرفني .. لا أبالي لحظة بالأحداث المحيطة .. وأؤمن بشدة بمقولة بوذا العبقرية "فلتزأر العاصفة" .. 

خاصة أني لا أملك من حطام الدنيا شيئًا .. لا زوجة ولا ولدًا أخشى عليه من المستقبل ! 

كما أني لم أقتنع يومًا بضرورة إبداء رأيي في أي أمر .. خاصة مع علمي الكامل أنه لن يغير شيئًا ! 

لكني ـ كأي عبقري آخر ـ أكره الغباء والجهل .. وبالأخص الجهل بالتاريخ .. 

وأصل الحكاية أن هذه الأيام تشهد حملة شديدة من الهجوم على الثوابت .. 

دعم الشذوذ الجنسي والإلحاد في مخالفة صريحة لتابوهات الجنس والدين .. 

وعلى الجانب المضاد حملة عنيفة من المقاطعة و الإنكار والغضب والقابضين على الجمر و.. 

بصراحة أنا لا أهتم بأي من الطرفين .. ورأيي أن كل واحد أدرى بأفضل استخدام لثقوبه .. وأن الدين علاقة رأسية بين الإنسان وربه .. وليست علاقة أفقية بينه وبين الناس .. طالما أن كل الأطراف تعاملني باحترام .. ولا يجبرونني على اتباعهم ببساطة .. 

لكن رأيي لا يهمك .. ولا يهمني أن تقتنع به .. 

لكني أريدك أن تهدأ قليلًا .. وتفسح صدرك لتستوعب ما سأقول .. 

كما قلت من قبل .. منذ أعوام تعاملت مع الوسط الثقافي .. 

كانت الموضة حينها هي الصوفية .. 

وكانوا يتحمسون جميعًا حين تستضيف مكتبة الاسكندرية حفلًا للمولوية الصوفية .. ويتفقون جميعًا على حضورها مهما كان الثمن .. 

وفي تعاسة كنت مجبرًا على مشاركتهم خاصة أن خطيبتي حينها كانت أكثرهم حماسًا .. 

وهكذا كنا نذهب للحفل جيشًا من عشرين فردًا على الأقل .. 

كنت أجلس وسطهم .. لا أفهم شيئًا مما يحدث .. ويسقط رأسي غافيًا وصوت غطيطي يتصاعد كقطار الصعيد .. وأستيقظ مفزوعًا كعادل إمام في الأوبرا في فيلم "عريس من جهة أمنية" !! 

وكان كل واحد منهم يؤكد في حماس أنه صوفي متعصب ! 

بعد أعوام انقطعت علاقتي بهم .. وقررت أن أبحث لأعرف أخبارهم .. 

فوجئت أن معظم الفتيات خلعن الحجاب .. ومعظم الشباب أعلنوا إلحادهم !! 

والصوفية يا أخ ؟ الصوفية يااااا .. ؟؟؟ 

لا .. لم تعد موضة .. ولم تعد مكتبة الاسكندرية تنظم حفلات لها .. 

ولعلهم الآن يحاولون التحول إلى مثليين جنسيًا .. ستكون هذه مشكلة عويصة للمتزوجين منهم كما تعلم .. لكنهم سيجدون حلًا ما حتماً .. 

هل شاهدت أفلام السينما في أواخر الستينات وبدايات السبعينات ؟ 

لو لم تكن تعلم .. فالسينما في الماضي كانت هي وسيلة التواصل الاجتماعي .. والتريندات تظهر منها .. 

كانت أفلام هذه الفترة أفلامًا إباحية دون زيادة أو نقصان .. وستجد معظمها على النت مسبوقًا بعبارة "الفيلم الممنوع من العرض" .. 

كان هذا مطلوبًا حينها لشغل تفكير الناس عن نكسة 67 .. وظهرت ممثلات وقتها لا يملكن أي موهبة سوى الجمال الفتان .. ويتم استضافتهن اليوم في البرامج بمسمى "الفنانة القديرة" .. ! 

هل تذكر بدايات الألفية ؟ 

شهدت هذه الفترة ظهور مجموعة من الدعاة الجدد .. مثل عمرو خالد ومن بعده مصطفى حسني وآخرون .. 

كما شهدت هذه الفترة زيادة تدين الشباب .. وصار نادرًا أن ترى فتاة غير محجبة .. أو شابًا لا يصلي بانتظام .. كما اعتزل عدد من الممثلون والممثلات .. منهم من شارك في أفلام الستينات الإباحية .. 

هل نعود للوراء قليلًا ؟ ما رأيك حين ظهرت موضة الميكروجيب في زمن الأبيض والأسود ؟ حين كان بار الخمور في كل بيت بدلًا من النيش ؟ 

نعود للوراء أكثر ؟ أيام انحطاط الدولة الأموية والعباسية ؟ 

هل فهمت ما أريد قوله ؟ 

ماذا ؟ لم تفهم ؟!! 

يا أخي قلت لك منذ قليل أني أكره الغباء ! 

ما أريد قوله هو اهدأ قليلًا .. اهدأ يا حبيبي .. 

لا داعي لإغراق الفيس بوك ببوستات الإدانة والهجوم والدفاع عن الدين .. 

دعك من أنها لن تغير شيئًا .. ولن يقرأها سوى أصدقائك الذين يوافقونك الرأي .. وتصيب من يكبرون دماغهم مثلي بالملل والصداع ! 

هذه ليست حملة ضد الدين .. هي مجرد موضة مثلما حدث في كل الأمثلة السابقة ! 

سيظهر مؤيدون ومعارضون حول العالم .. نعم حتى في أمريكا نفسها هناك معارضون .. ألم أقل أنك جاهل ؟ 

وسيصاب الجميع بالملل سريعًا .. وسيجمع الملحدون بعضهم في أماكن مغلقة ليتظاهروا فيها أنهم أذكى من الحمقى الآخرين .. 

وسينحصر الشذوذ في غرف النوم المغلقة .. 

ولن يجبرك أحد على حضور جلسات الملحدين .. ولن يصطحبك الشواذ في غرف نومهم ! 

يا حبيبي نحن في عالم مفتوح الآن .. مليارات من البشر ! 

كن قريبًا ممن يماثلون تفكيرك .. ولتربي أبناءك وسطهم ببساطة ! 

هناك قناة تعرض أفلامًا عن الشذوذ ؟ لا تشاهدها ! 

هناك كاتب ملحد يغرقنا بمقالاته ؟ لا تتابعه ! 

أنت أتفه من أن يجبرك أحد على شيء ! 

ظهر الإلحاد وظل هناك متدينون كثر .. عاشت مصر فترات من العري والخمور وظل هناك متدينون بل واحتلوا الواجهة معظم الأوقات ! 

كان هناك كفرة وملحدون وشواذ في كل العصور .. وفي عصور كل الأنبياء .. 

ستقول لي قوم لوط ؟ أعرف .. لكنهم هلكوا وظهر شواذ آخرون وآخرون ! 

انتشر الإسلام وانتصر وكان معظم العالم يعبدون التماثيل ! 

إذن فانتشار الكفر لم يمنع انتصار الدين .. ببساطة انتصر الأفضل والأقوى ! 

المتدينون الآن ضعفاء ؟ نعم .. هذا يحدث وسيظل يحدث .. فلا أحد يبقى على القمة طوال الوقت ! 

وسيأتي زمن آخر تعلو فيه كلمة الدين .. 

أنت نفسك بعد عشرين عامًا من الآن ستترحم على هذه الأيام وستؤكد أنها "الزمن الجميل" .. وستعاير أبناءك أن "ده انتوا جايل ضايع" .. كما يعايرك والدك الذي كان يرتدي البنطلون الضيق والقميص الوردي مفتوح الصدر في السبعينات !! 

في كل عصر هناك المتدينون والملحدون .. المحافظون والمنحلون .. الأبيض والأسود .. بهذا يتوازن الكون .. 

لعلك تشعر أن المؤامرة عالمية لأن العالم انفتح على بعضه وأصبح سهلًا أن تعرف كيف يعيش الناس في الدول الأخرى .. لكني أؤكد لك .. ما يحدث الآن حدث في الماضي وسيحدث في المستقبل ! 

فاهدأ يا حبيبي .. ولا تتقمص دور حامي حمى الدين .. وتصدعني بحزقك للدفاع والشجب والإدانة .. 

أنت ضعيف .. ولا أحد يهتم برأيك ولا يقرأه أصلًا .. فلا تصدعنا بالله عليك بآرائك .. 

اغلق بابك على نفسك حتى تمر العاصفة .. فلا شيء تفعله سيغير أي شيء .. 


2 comments: