كيف تصبح متدينًا في ثلاث خطوات
قد يبدو العنوان تقليديًا .. وقد تظن أنه مقال ديني .. لكني هنا لست بصدد التحدث عن التدين الطبيعي المعروف .. بل أتحدث عن ترقيتك إلى رتبة أعلى .. حامي حمى الدين .. قاهر الإلحاد .. صاروخ الدين .. وكل هذا دون أن تبذل مجهودًا يذكر !
لذا دعنا نبدأ حالًا دون إبطاء !!
أولًا : اختر شيخك !
يكفي فقط أن تختار شيخًا واحدًا تمشي خلفه مغمضًا عينيك !!
كيف تختاره ؟ خليك ورايا !
لا يهم مقدار علمه .. ولا يهم أن تتأكد من صحة كلامه ..
المهم فقط أن يكون شيخًا من نوعية "قاصف جبهات الملحدين" .. وبوستات الفيس بوك الحارقة الساحقة الماحقة ..
يشتم جميع المختلفين معه .. ويتعامل باعتبار أن العلم الحقيقي عنده وحده .. وأنه درع الإسلام ضد العلمانيين والملحدين ..
هنا فقط عليك أن تختاره .. وتتابعه بكل جوارحك كالكلب الوفي ..
ومن المهم أن يكون منتشرًا على مواقع التواصل الاجتماعي .. لا أن تكون مضطرًا للذهاب إلى ـ أستغفر الله العظيم ـ المكتبات لتبحث عن كتبه .. أو تضطر لتقوية لغتك أو لتضييع ساعات طويلة في القراءة والبحث وتشغيل المخ .. وكل هذه الأمور التافهة التي يقوم بها الحمقى لتفهم آراءه !
نحن هنا نتحدث عن الطريق السهل .. لا يهم أن يكون له أي بحث أو إنجاز .. بل بعض البوستات أو الفيديوهات على الفيس بوك وشكرًا !
هل اخترته ؟ أحسنت .. كنت أعرف أنك ستفعلها !
والآن إلى الخطوة الثانية لنصنع منك متدينًا لا يشق له غبار !
ثانيًا : نظرية الطالب الفاشل !
فيما مضى كان التبحر في الدين صعبًا .. تقرأ عشرات الكتب .. تتابع التفسيرات المختلفة للقرآن الكريم والسنة النبوية .. تستمع لآراء عدد من العلماء .. حتى تحصل على نظرة واسعة للدين .. وتستفتي قلبك لتعرف الطريق السليم ..
لكن الآن يا صديقي لم يعد هناك أي داعٍ لتتعب نفسك بالقراءة والبحث .. عليك أن تتبع نظرية الطالب الفاشل الذي قرر أن يصبح الأول على الصف عن طريق قتل جميع زملائه بدلًا من المذاكرة !
كيف تفعلها ؟
قم بالتشكيك في دين الجميع !!
أي شخص يحاول حتى التفكير في إثارة نقاش ديني .. أو انتقاد شيخك الذي اخترته في الخطوة السابقة ... قم بنكحه بلا تردد !!
وعليك في هذه الخطوة أن تنسى الحديث الشريف "ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء" .. فنحن هنا ندافع عن الدين !!
أي شخص يقول آراء لا تروق لشيخك عليك بشتمه والتشكيك في دينه ورجولته ونشاطات أمه الجنسية !
وإذا أردت أن تصبح أكثر تأثيرًا أضف لقاموسك بعض الشتائم التي تبدو متدينة .. فبدلًا من "ابن الوسخة" يمكنك أن تقول "ابن الزانية" ..
لكن تبديل قاموس شتائمك سيكون شاقًا ويتطلب بحثًا .. وأنا وعدتك أن تصبح متدينًا بلا مجهود .. لذا يمكنك التغاضي عن هذا .. واشتم براحتك .. فهم مجموعة من الكفرة الزناديق على كل حال ..
الخلاصة .. بدلًا من بذل الجهد لترفع نفسك .. قم بجذب الآخرين للأسفل !
هل سنضيع وقتنا في البحث عن الكمال ؟ لا طبعًا فنحن لسنا أغبياء .. احتفظ بوساختك كما هي .. لكن اجعل الآخرين يشعرون أنهم أوسخ منك !!
ثالثًا : اهتم بالمظاهر !
لا .. لا تطلق لحيتك ولا ترتدي الجلباب .. فحينها سيتم إلقاؤك في المعتقلات بلا رحمة !
هناك حلول أسهل لتبدو متدينًا رائعًا دون أن تعرض نفسك لأي أذى !
الخطوة الأولى هي تحويل الدعاء من علاقة خاصة بينك وبين ربك .. إلى علاقة عامة يراها الجميع !
افتح الفيسبوك وانشر الأدعية بلا هوادة .. ادعي لنفسك ولزوجتك وأولادك وصحتك وكل شيء .. المهم أن يرى الجميع كم أنت متدين رائع وتدعو الله دومًا !
والخطوة الثانية هي تشيير أي قصة تدل على عظمة الدين حتى لو كانت مضروبة ولا أساس لها من الصحة .. لكننا كما اتفقنا لن نقرأ ولن نبحث ... فلا يهم أن تكون صحيحة ..
وإذا علق أحدهم أن القصة مضروبة قم بنكحه أيضًا بلا تردد .. فهو غالبًا ملحد وغد وابن زانية كما تعرف !
عليك أيضًا أن تعشق الدولة العثمانية .. وتتعامل مع الدولة الأموية والعباسية وغيرها كأنها غير موجودة !
لماذا ؟ لأنك لن تجد على الفيسبوك بوستات تتحدث إلا عن الدولة العثمانية !
ستجد القصص عن فتح القسطنطينية .. ولن تجد قصة واحدة عن فتح بلاد فارس أو إفريقيا !
ستجد قصصًا مضروبة عن العزة والكرامة في زمن الدولة العثمانية .. ولن تجد قصة واحدة عن أن السلطان العثماني لم يكن خليفة للمسلمين أصلًا .. لكنه أعلن أنه خليفة لمصلحة شخصية ..
لذا عليك التمرغ في عشق الدولة العثمانية .. فهذا سيفتح لك أبوابًا لا حصر لها لبوستات تشيرها لتظهر أنك متدين رائع !
المهم هنا أن تخفي بوستاتك عن أي ضابط شرطة أو جيش تعرفه حتى لا تذهب وراء الشمس .. وإذا كنت تعيش في الخارج اخفها عن أي أجنبي ..
فأنت حتمًا ستشتم الملاحدة العلمانيين الشواذ أولاد الزانية .. وقد يكون مديرك في عملك بالخارج شاذا ملحدًا أصلًا .. وأنت تريد أن تصبح متدينًا طبعاً .. لكن دون أن تتعرض لأي ضرر دفاعًا عن دينك ..
عامة قم بإخفاء بوستاتك عن أي شخص لا تستطيع نكحه واتهامه أنه ابن زانية ..
ما هي أهمية خطوة المظاهر ؟
أقولك .. هذه الخطوة تسمح لك أن تكون وغدًا نذلًا كذوبًا بخيلًا متحرشًا في السر .. فهي توفر لك غطاء رائعًا تخفي به وساختك .. ويسمح لك باتهام الآخرين أنهم أوسخ منك .. فتصبح أفضل منهم كما اتفقنا في الخطوة السابقة !
وهكذا عزيزي القارئ أقول لك مبروك !!
أنت الآن متدين لا يشق لك غبار .. وأصبحت لك سمعتك كحامي حمى الدين .. وربما بعد أعوام تجد أصدقائك يستفتونك في أمور الدنيا والدين !
بالشفا يا حبيبي ..

No comments:
Post a Comment