Friday, June 18, 2021

فن التعامل مع البشر !!


فن التعامل مع البشر 

قرأت في الماضي كتابًا ساذجًا اسمه "فن التعامل مع من لا تطيقهم" ينتمي إلى كتب التنمية البشرية العبيطة .. وطبعًا كان محشوًا بالنصائح الأخلاقية السخيفة على غرار مسلسلات "محمد صبحي" .. 

فكرت أن أسمي المقال بنفس اسم الكتاب .. لكني اكتشفت أني لا أطيق البشر جميعًا .. لذا فمن الأوقع والأفضل أن أعمم الأمر .. 

كيف تتعامل مع البشر ؟ هنا سأنقل لك خبرتي وتجربتي في التعامل مع هؤلاء الأوغاد ! 

لنبدأ .. 

أولًا : كن لطيفًا .. كن لطيفًا جدًا ! 

في الماضي كنت مشهورًا بعصبيتي الشديدة .. وأنني "بتاع مشاكل" .. 

و رغم اقتناعي التام بأنني كنت على حق في كل هذه المشاكل .. إلا أن هذه السمعة لاحقتني في كل مكان ! 

لأجد أحدهم يشتمني أو يخطئ في حقي بما لا يدعو للنقاش .. وحين أرد عليه بنفس طريقته أجد الجميع يمصمص شفتيه بحسرة ويقول بحكمة "هو حسام كدة طول عمره بتاع مشاكل" .. 

وحين ينقشع غبار المعركة .. ينسى الجميع أن الآخر هو المخطئ .. ولا يتذكرون إلا أنها مشكلة جديدة تسببت فيها أنا بعصبيتي وحبي للعراك ! 

وفي لحظة عبقرية .. خطر لي أن هذا هو طبع البشر .. 

هم لا يحكمون بعدل أبدًا .. ودائمًا تتدخل المشاعر والانطباعات السابقة في أحكامهم .. 

وهذه يا صديقي نصيحتي لك .. 

ليكن انطباعهم نحوك دائمًا أنك شخص لطيف جدًا وغلبان أشد الغلب .. ورقيق كل الرقة وملهمط وناعم مثل التين البرشومي ! 

اصنع لنفسك سمعة طيبة في البداية .. طبعًا ساعدني كثيرًا كوني أبدو محترمًا مهذبًا وأشبه "ماجد الكدواني" بشدة .. هل رأيت أحدًا يقول أن ماجد الكدواني شرير ؟ 

وحين تطمئن أن الجميع أصبح يراك طيبًا و"هلهولة" عدم المؤاخذة .. ابدأ التجهيز للخطوة الثانية .. 

ثانيًا : اختر ضحيتك ! 

الآن يا صديقي نجحت في تكوين السمعة الطيبة .. ويعلم الجميع أنك "غلبان وجدع والله" .. 

الآن حان وقت المكافأة .. 

في المرحلة السابقة ستقابل بعض الأوغاد .. فشلة لم ينجحوا في فرض سيطرتهم على أحد من قبل .. وحين يعرفون كم أنت طيب وعبيط .. سيحاولون ممارسة سيطرتهم عليك .. لأنهم لا يستطيعون ممارستها مع من هم أقوى شخصية .. 

اختر أكبر وغد فيهم .. وليكونن هو ضحيتك ! 

عند أول استفزاز قادم ـ واحرص على أن يكون كبيرًا ـ ابدأ بالرد ! 

وليكن ردك عاصفًا .. قويًا .. مخيفًا .. 

سيصاب الجميع بالذهول .. ولن يصدقوا ! 

لكن كما قلنا منذ قليل البشر غير عادلون .. 

لذا لن يتهمك أحد بقلة الأدب .. بل سيقولون ببساطة "غريبة .. ده غلبان ومحترم .. أكيد التاني غلط فيه" ! 

وهكذا ببراعة قبطان أعالي البحار .. أخذت حقك تمامًا من الوغد .. ودارت دفة الخطأ لتنغرز في مؤخرته ! 

وأصبحت سمعتك الآن أنك "غلبان وجدع والله بس لما بيتعصب بيقلب !" 

وهكذا تسترد جزءًا من هيبتك .. وسترى الجميع يعاملك بحذر نوعًا ما .. حتى تستقر سمعتك الجديدة في عقولهم .. وسترى أن الاستفزازات قد قلت جدًا ! 

الآن نبدأ في الخطوة الثالثة .. ليصبح لك كيان محترم وسط البشر الأوغاد ! 

ثالثًا : لا يكون لك عزيز ! 

في الماضي كنت حريصًا على علاقتي مع أصدقائي .. وأحاول إرضائهم بأي طريقة .. 

كنت دائمًا ذلك الشخص الذي يحاول جمع الشلة يوم الخميس .. وأتصل بالجميع .. وأقف بجانب الكل .. 

كنت أظن أن هذا واجبي .. حتى اكتشفت أمرًا مهما ! 

في الاقتصاد هناك قاعدة "العرض والطلب" .. 

كلما كانت سلعة ما معروضة بكثرة .. ومتوفرة أكثر من اللازم .. ينخفض سعرها إلى الحضيض .. 

هكذا وجدت أن لا أحد يهتم بالحفاظ على علاقته معي .. 

الجميع يعرفون أني موجود دائمًا .. متوفر على طول الخط .. فحتى لو تجاهلني لفترة .. سيجدني أنتظره على القهوة في مكاني .. 

إذا اختفى لفترة واحتاجني .. سيتصل ويقول ببساطة "معلش أنا مقصر معاك أنا عارف .. بقولك عايزك تعمل لي حاجة" .. 

وأنا كالأبله سأرد بحماس "ولا يهمك .. قول عايز إيه وأنا معاك" ! 

وهكذا تحولت إلى سلعة رخيصة متوفرة أكثر من اللازم .. وبهذا انخفض الطلب !! 

أما الآن فقد تعلمت الدرس .. وها أنا يا صديقي أنقله لك مجانًا ! 

لا تكن متوفرًا .. لا تكن "مرطرطًا" في السوق .. 

أتعرف المثل القائل "أزور غبًا لأزداد حبًا" ؟ (غبًا بمعنى قليلًا) 

حين تكون موجودًا دائمًا .. ستكون شخصًا بلا كرامة .. وقد يخطئون في حقك عالمين أنك ستسعى للصلح معهم فيما بعد ! 

ليكن الوصول لك صعبًا .. 

فلتجبرهم على المعاناة حتى يقابلوك .. ويفكرون ألف مرة قبل أن يطلبوا منك شيئًا .. 

لا يكون لك عزيز إلا والداك فقط .. 

تعامل من منطلق أنك بلا أصدقاء .. ولا تقم بأي خدمة لأحد إلا إذا كان مقابلها خدمة أخرى .. سواء سابقة أو لاحقة ! 

هذه هي الحياة .. خد وهات ! 

إياك أن تعطي بلا توقف بلا مقابل .. حينها لا تلومن إلا نفسك ! 

ضع الأشخاص في مكانهم الطبيعي .. 

هذا لجلسات القهوة .. هذا صديق في العمل .. هذا مجرد زميل .. 

حينها فقط ستتحول إلى سلعة نادرة .. جوهرة يجب أن يبذل البشر مجهودًا ليصلوا إليها .. والأهم أن يصل للجميع أنك قد تقطع علاقتك بهم في أي لحظة إذا فعلوا شيئًا يغضبك ..

وبهذا تسترد هيبتك .. وسمعتك وسط البشر الأوغاد لامعة .. ويكون لوجودك بصمة مختلفة يشعرون بها تلقائيًا لأنها قليلة الظهور ! 

وهكذا يا صديقي وبثلاث خطوات بسيطة .. صارت لك شخصية قوية .. وأصبح لوجودك هيبة مختلفة .. ولك كاريزما خاصة .. وفي نفس الوقت سمعتك طيبة عطرة وسط البشر ! 

كل هذا طبعًا لو أنك مجبر على التعامل مع البشر .. إن لم تكن .. فلتنسى هذا المقال وانعزل عنهم فورًا !! 


No comments:

Post a Comment