Friday, January 28, 2022

منحنى الثلاثين


منحنى الثلاثين


يتمتع الأمريكان بدم ثقيل إلى درجة لا تطاق ..

إذا شاهدت فيديوهاتهم الكوميدية على اليوتيوب ستصاب بإسهال مزمن من فرط السماجة !

دعك من "الكوميكس" و "الميمز" .. فالمصري قد يشاهد بالصدفة فيلمًا على القهوة .. ويستخرج عشرات "الميمز" منه .. بل إن فيلمًا مثل "بوشكاش" لم ينجح نهائيًا في السينمات .. لكن المصريين حولوه إلى علامة على الفيسبوك !

أما الأمريكان فلا يتمتعون بهذه الموهبة .. ومحاولاتهم للمزاح سخيفة لدرجة لا تطاق !

هناك مقاطع لهم تزيد عن 200 مليون مشاهدة .. ومثيلاتها في مصر نضربها بالشبشب !

لكن هناك فريقًا من الشباب الأمريكي لا بأس به .. وفيديوهاتهم تحمل خفة ظل واضحة .. ويسخرون من كل شيء بلا رحمة !

قاموا بتصوير مقطع بلا كلام تقريبًا .. عن معاناة ما بعد الثلاثين .. سأترك لك "لينك" له في آخر المقال .. 

نعم .. لست وحدي من لاحظ هذا !

فأكبر تغيير سيحدث في حياتك هو حين تتجاوز الثلاثين من عمرك !

على المستوى الجسدي .. ستكتشف وجود عظام في جسدك لم تكن تعرفها منذ عدة أعوام !

تستيقظ صباحًا لتكتشف آلامًا في عظمة عنق الفخذ .. عنق ؟ هل الفخذ له عنق ؟ نعم يا صديقي .. مرحبًا بك في الثلاثين !

وتبدأ فقرات ظهرك في الأنين .. وحين تسأل يقولون ببساطة "تلاقيك نمت غلط" ..

لا تفهم .. كنت في الماضي تنام مقلوبًا على السقف كالخفاش .. وتستيقظ مفعمًا بالنشاط !

وتنهض وكل عظمة تطلق موسيقى خاصة بها بأوركسترا بديعة يعجز "هانز زايمر" عن تأليف مثلها ..

مثانتك ممتلئة .. منذ أعوام كان يمكن أن تقضي يومك وفي نهايته تكتشف أنك لم تدخل الحمام مرة واحدة !

أما الآن فكل شربة ماء تعني ضرورة مقابلة عاجلة مع وزير الري في الحمام !

وكلما جلست في مكان تنظر حولك بلهفة وتسأل "هو الحمام فين ؟" .. لتتحول إلى "سام كولبي" في ظروف غامضة .. ولا ينقصك إلا أن تقول "إنها البروستاتا كما تعلمون" !

دعك من الطعام .. تتحول البيتزا والمعجنات والمكرونة بالجبن إلى عذاب مقيم ..

فبعد الثلاثين تتحول معدتك ومن خلفها السلطان "قاولون" شديد العصبية إلى موظف حكومي كئيب .. كلما هممت بالأكل يرفع عينه من خلف النظارة المتدلية على قصبة أنفه .. ويقول لك ببرود "ماينفعش .. لازم إمضا مدام عفاف في الدور التاسع .. وتقدم طلب وتعالى كمان أسبوع" !

تحن للماضي حين كنت تأكل الفول وتتبعه بخمس شطائر من الكبدة .. ثم تجذبك رائحة الفلافل والبطاطس المقلية فتلتهم عدة أرغفة .. وتتبعها بفطيرة السكر الغارقة بالسمن .. وتجلس مقزقزا بعض السوداني مع كوب من الشاي تحبس به كل هذا العك .. دون أن تحمل همًا !

وتحن فجأة للبيت كلما خرجت .. ويتحول يوم الأجازة من الصياعة مع أصدقائك طوال اليوم إلى أمسية هادئة تحت البطانية مرتديًا طاقية عم شكشك الصوفية .. ومشاهدة فيلم جيد حاملًا كوبًا عملاقًا من أي مشروب دافئ لأن عظامك لا تتحمل البرد !

تظن أني أبالغ ؟ إذن في رأيك لماذا ينخفض مستوى لاعبي الكرة بشكل درامي حين يتجاوزون الثلاثين ؟

ولماذا يعتزل معظمهم قبل الخامسة والثلاثين ؟ بل إن اللاعب إذا أصيب إصابة بالغة بعد الثلاثين يقول الجميع بحسرة "لن يعود إلى مستواه أبدًا في هذا السن" !

في رأيي أن أقصى انحدار في صحتك يكون بعد الثلاثين .. تقل صحتك 50% بعد الثلاثين تقريبًا !

أما المعاناة النفسية فهي مصيبة أخرى !

فبعد الثلاثين أنت لم تعد صغيرًا .. وتنتبه بذعر أن هناك ذكريات مر عليها 20 عامًا وأنت تذكرها جيدًا !

كنت في الثانوية العامة منذ 14 عامًا .. دخلت المدرسة منذ 25 عامًا !

بل وقد تعجب بفتاة لتكتشف أنها في الثامنة عشرة من عمرها .. أي أنك كنت في المرحلة الإعدادية حين ولدت .. وإذا كانت والدتها قد تزوجت في سن صغيرة .. قد تجلس معها لتستعيد الذكريات والنوستالجيا في أيام الطفولة ! (أحدهم بالفعل رشح لي عروسًا اكتشفت أن والدتها تكبرني بخمسة أعوام فقط)

وتجد رفاق العمل أصغر منك بكثير .. وقد ينظرون لك بهيبة باعتبارك ديناصورًا في مجالك ..

كنت مديرًا في وقت ما .. ووجدت أحد هؤلاء جاء يطلب مني شيئًا .. وقد وقف في تهيب وخوف .. ولا يناديني إلا "حضرتك" و "يا فندم" .. وأنا في الأساس لازلت أرى نفسي طفلًا ساذجًا !!

طبعًا لم يعد هناك مجال لـ"لما أكبر عايز أبقى كذا" .. أنت كبرت بالفعل خلاص .. أنت هناك يا صديقي !

لم يعد من حقك أن تفكر في مشاريع جديدة .. لم يعد في الشباب ما يكفي للكفاح والمعافرة .. حتى التفكير ستجد أنه أصبح همًا مقيمًا !

وتبدأ الشعور بالخطر .. بعد قليل لدرجة مفزعة سيقترب سن الأربعين .. وتتحول إلى "رجل في منتصف العمر" .. وكل قرار تتخذه الآن غالبًا سيؤثر على بقية عمرك .. لم يعد هناك وقت كاف لتغيير آخر !

وتبدأ مرحلة حساب النفس .. ماذا حققت من طموحاتك ؟

إذا كنت في مصر غالبًا سيكون "ولا حاجة" ..

وبالله عليك لا تردد كلام التنمية البشرية .. مثل أن النجاح لا سن له .. لا تتخلى عن طموحاتك ..

ويذكر لك قصة الكولونيل "ساندرز" الذي افتتح مطعم كنتاكي ونجح في عمر الخمسين .. أو أي قصة مشابهة ..

لا تخدع نفسك .. هذه القصص تحدث بنسبة واحد إلى مليون .. وأنت مجرد شخص عادي في دولة نامية – مشيها نامية – لا تمنحك الكثير من الفرص طالما رصيدك في البنك لا يحمل ستة أصفار !

لذا أرجوك .. إذا تجاوز شخص عزيز لك سن الثلاثين .. فلتراعي ظروفه .. ولا تغضب إذا فضل الجلوس في البيت على مقابلتك على القهوة .. وفي عيد ميلاده ربت على كتفه بحنان .. واشتري له دستة من أنابيب مرهم "فولتارين" وعلبة "كتافاست" على سبيل الهدية .. ولا تناقش معه أي أمر يحتاج التفكير أكثر من 5 ثوانٍ ..

وصدقني سيحبك كثيرًا !






2 comments: