Friday, December 6, 2019

من فعلها ؟



من فعلها ؟

هناك قصص وذكريات لابد من كتابتها .. ويعد ضياعها في غياهب النسيان جريمة .. 

عرفت فتيات بلهاوات يكتبن مذكراتهن للتظاهر بالأهمية .. ولأنهن يرين بطلات السينما يفعلن هذا .. 

ولا تخرج مذكراتهن عن الهراء العاطفي إياه ... 

في رأيي أن كتابة المذكرات يجب أن تكون حكرا على شخصيات غير تقليدية .. مثل أينشتين و زويل والعقاد ونجيب محفوظ وعلي مشرفة .. والعبد لله طبعا .. 

نسيت أن أعرفك بنفسي .. أنا (محمود) .. (محمود فتحي) .. أعمل رائدا في المباحث .. 

وأنا لا أكتب مذكراتي لأني عظيم أو عبقري - لا سمح الله - بل لأني مررت بتجربة غريبة على مدى عدة أعوام ... 

تجربة كانت من بطولة فتاة غريبة الأطوار . 

لا تضحك بخبث يا أخي .. ليست تجربة عاطفية حتما .. ما هذه الدماغ الشمال ؟ 

لا تتوقع مني أن أسود صفحات لأحكي لك عن تباريح الهوى والفؤاد .. !! 

كانت عبقرية .. حتى أني أشك حتى الآن أنها حتما باعت روحها للشيطان لتحصل على هذا العقل الجبار ! 

لا بد أنك فهمت الآن .. رائد مباحث وفتاة عبقرية ... إذن الأمر متعلق بحل ألغاز جرائم غير تقليدية .. 

بمعنى أدق هي قصة من نوعية "من فعلها ؟" الشهيرة .. 

و سأبدأ البداية التقليدية .. وستضطر آسفاً لتحملي في البداية حتى ندخل في ما هو جديد ... 

كانت قضية من النوع الذي نعرف أنه حتما لن ينتهي إلى أي شيء .. وفي الأغلب لن يشك أحد أن فيها شبهة جنائية أصلا .. 

رجل عجوز يحيا وحيدا في شقة فاخرة بمنطقة راقية .. بعد وفاة زوجته و زواج أبناءه ورحيلهم خارج البلاد ... كالعادة يشكو الجيران من الرائحة الكريهة .. يحطمون الباب .. يعثرون على جثته .. قصة تقليدية مملة رغم مأساويتها .. لكنها تبقى تقليدية وواضحة .. فلا آثار للعنف .. ولا جروح .. ولا طعنات ولا آثار خنق ولا أي شيء ... والتشخيص المبدئي هو أزمة قلبية .. 

حتى خزنة الأموال مغلقة بلا أدني أثر لمحاولة فتحها .. نعم خزنة .. فتحرياتنا أثبتت أن الرجل لم يكن يؤمن بفكرة البنوك .. ويعتبر أن طريقة "تحت البلاطة" الشهيرة هي أنسب حل للحفاظ على الأموال !! 

كانت الرائحة شنيعة شيطانية .. والجثة تعفنت لدرجة أن قدميه انتفختا بشكل غريب .. 

نظرت للطبيب الشرعي بشفقة .. حتمأ هو الآن يتمنى لو كان دخل كلية الآداب !! 

على أية حال انهمكنا في أعمالنا التقليدية .. من رفع للبصمات وبحث عن آثار دماء ... 

لكن فجأة ساد الصمت ... وارتفعت الوجوه نحو باب الشقة ... !! | 

لقد وصلت "هند" ... !! 

*** 

نحيلة إلى حد لا يصدق .. تمشي منحنية إلى الأمام لسبب ما ... 

لا تستطيع القول أنها قبيحة .. لكنها لم تكن تهتم بوجهها بمقدار ذرة ... وشعرها منكوش .. لا .. ليس نكشة فاتنة مثل ميريام فارس و دينا الوديدي .. بل منكوش بعنف .. بشدة .. 

وأجزم أنها لا تملك أطنان الثياب التي تملكها فتيات في مثل عمرها ... وأجزم أيضا أنها اشترت هذا السروال وهذه السترة من محل للملابس الرجالية !! 

دخلت سريعًا إلى غرفة نوم العجوز ... 

لم أكن أعرفها .. فملت نحو أحد أفراد المعمل الجنائي وسألته : 

. "من هذه ؟ هل هي مجنونة العمارة ؟" 

نظر الرجل إلي بهلع وأشار لكي أخفض صوتي وقال هامسة : 

." ألا تعرف (هند) ؟ إنها تعمل كمستشارة للوزارة .. يستدعونها دائما في القضايا الصعبة ... ويقولون أنها تتعامل مع وزير الداخلية شخصيا !! " 

. " إذن ما قصة مظهرها الغريب ؟" 

. " لا أحد يعرف قصتها بالضبط .. لكنهم يقولون أنها سافرت مع أهلها إلى أحراش إفريقيا بسبب ظروف عمل والدها .. لكن الأسرة اختفت هناك وتم اعتبارهم مفقودين .. حتى ظهرت (هند) بعد خمسة أعوام كاملة !! يقولون أنها كانت طبيعية قبل الحادث ... لكنها منذ عادت صارت غامضة وطباعها شاذة للغاية و.. 

قطع الرجل عبارته ونظر خلف كتفي بارتباك .. فاستدرت بتلقائية و .. !! 

اصطدمت بعينيها ... 

لا يا أخي لم أقع في الحب .. هل قرأت وصفي لها منذ عدة أسطر ؟ 

عيناها مخيفتان .. تحيط بهما تجاعيد مبكرة ... ونظرتها باردة مرعبة ... كأنك تنظر في عيني جثة !! 

ارتبكت قليلا .. وحاولت نطق أي شيء .. لكن الكلمات انحشرت في حلقي .. 

اللعنة !! 

ماذا سيقول المجندون عني وهم يرونني بهذا الارتباك ؟ تماسك يا (محمود) .. 

. "كيف حالك ؟" 

قالتها "هند" فجأة بصوت خالٍ من أي انفعالات .. فتحت فمي لأجيبها لكنها تركتني وذهبت نحو الجثة .. 

فقلت بغيظ : 

."حتى لو كانت عبقرية .. من اتصل بها ؟ إنها قضية واضحة .." 

لكن أحدا لم يجبني .. وظلت العيون تتابع فحص تلك المعتوهة للجثة .. ثم مالت على الطبيب الشرعي وسألته : 

."ما تشخيصك ؟" 

نظر لها باشمئزاز وقال بضيق : 

."هذا واضح .. إنها أزمة قلبية .." 

هنا قامت "هند" بآخر فعل يمكن أن نتوقعه !! 

لقد أمسكت الطبيب من قفاه .. وجذبته بقسوة لتبعده عن الجثة ... وهي تقول بغضب : 

. "يا لك من أحمق جاهل .. أي أزمة قلبية يا عبيط ؟ ألا ترى الأعراض الواضحة ؟" 

حاول الطبيب أن يتملص منها بلا فائدة .. 

. " اتركيني أيتها المجنونة ... ليس هذا من حقك !!" 

."لا تتكلم عن الحقوق .. فالحمقى لا حقوق لهم منذ عهد الفراعنة" 

لم يكن الطبيب ضعيف البنية ... لكن "هند" كانت كاسحة صارمة ... وارتباك المفاجأة منعه من أي رد فعل عنيف !! 

."أنظر أيها الغبي .. ألا يذكرك هذا المنظر بأي شيء؟" 

قالتها ودفعت رأسه دفعًا إلى قدمي العجوز المنتفختين ... ياللمسكين !! 

."لو كلفت خاطرك بنظرة واحدة لصورة العجوز الحديثة المعلقة على الحائط .. لوجدت أن شعره كثيف والآن نصف شعره تقريبا قد سقط .. هل أصيب شعره بأزمة قلبية فسقط يا عبقري ؟" 

وقبل أن يرد الطبيب تابعت بغضب وهي تهزه بعنف .. (لماذا لا يتدخل أي أحد منا ؟ كأننا غائبون عن الوعي !) 

."ولو نظرت أمامك هنا لأحذية الرجل .. لوجدت أن هناك حذاءين جديدين .. مقاسهما أكبر من بقية الأحذية القديمة .. إن انتفاخ الأقدام ليس من العفن أيها الذكي !" 

تجمدت بذهول .. وهرعت أتأكد من كلامها .. فعلا .. كلام هذه الشيطانة دقيق !! 

أطلقت "هند" سراح الطبيب .. ودفعته بعيدًا بقسوة ... فصرخ بغضب .. وهم بالقفز ناوياً حتما تحطيم عظامها لولا أن صحت بصرامة : 

."يكفي يا دكتور .. ليس هذا وقت الشجار .. دعنا نسمع ما تقوله الآنسة هند" 

نظرت لي (هند) بسخرية دفينة .. ثم تابعت كأن شيئا لم يكن .. وهي تدور في الصالة بقامتها المنحنية للأمام : 

. "تساقط في الشعر .. تورم في القدمين ... تغير في لون الأظافر .. لكنكم لم تلاحظوه لأنكم تخافون تأمل الجثث ككل الحمقى .. هذه أعراض واضحة " 

."هل تعنين ... ؟" 

."بالضبط .. تسمم الزرنيخ .." 

تصاعدت همهماتنا جميعا .. وقلت أنا بحنق : 

."ولماذا أصلا شككتِ بهذا بدون أي تحليل أو فحص ؟ لما لا يكون السبب أي مرض آخر ؟ أمراض القلب أيضا تسبب تورم الأقدام .. وهناك دستة من الأمراض تسبب سقوط الشعر !" 

."حين دخلت الغرفة الآن .. عثرت على شيء طريف متعلق بخزانة النقود .. تعالوا معي" 

مشى الفريق كله خلفها .. و دخلنا الحجرة .. 

أشارت هند إلى لوحة معلقة على الحائط أمام الخزنة .. وهي تقول ببرود : 

."لتصبح ضابطأ ناجحاً يا صغيري .. يجب أن تتعلم دائما أن تنظر وراء ما أمامك .. حرفياً" 

صغيري ؟؟ هل قالت صغيري ؟؟؟ إنني أكبر منها بعدة أعوام !!! 

لماذا لا يستطيع أحد أن يرد على إهانات هذه المعتوهة ؟؟؟ 

."إذا نزعنا هذه اللوحة .. سنرى شيئا لطيفا" 

قرنت قولها بالفعل .. ومدت يدها لتنزع اللوحة .. فهتف أحد رجال الفحص الجنائي معترضأ : 

." البصمات يا فتاة !! " 

. "أصمت يا عبيط .. " 

احتقن وجه الرجل غضبًا .. لكنه كالعادة عجز عن الرد !!!! 

نزعت "هند" اللوحة .. فظهر مرسومة على الحائط خلفها دائرة غريبة مكونة من مجموعة من النقاط 

والشرطات .. وفوق إحدى النقاط سهم صغير ! 

ما معناها ؟؟ 

."إذا نظر أي غريب لهذا الرسم .. سيظن أنه مجرد شخبطة من عجوز مجنون ... لكن مادامت أمامنا جثة .. فيجب أن نتوقف أمامها قليلا .. 

لدينا عجوز يحتفظ - حسب كلام أبناءه - بكل أمواله في خزانة تقليدية .. لكن لنفترض أنه ينسى كثيرا .. ولا يريد أن يفاجأ يوما أنه لا يستطيع الوصول لأمواله ... إذن يجب أن يكتب الأرقام السرية في مكان قريب من الخزنة .. لكن بطريقة لا ينتبه لها أحد .." 

قلت بذهول : 

."نقاط وشرطات .. شفرة موريس !!" 

."أوووه .. الطفل الصغير يتعلم بسرعة ! نعم .. لقد اختار أشهر الشفرات .. شفرة موريس .. التي تحول الأرقام والحروف إلى تنويعات من النقطة والشرطة .. 

وحتى لا تكون واضحة حتى لو رآها أحد .. يرسمها على شكل دائرة متداخلة من النقاط والشرطات .. لكنه يضع سهمًا صغيرًا ليعرف بداية الرقم السري ! .. وأيضا من المعروف أن كل رقم في شفرة موريس يتكون من خمس علامات .. فالصفر يتم التعبير عنه بخمس شرطات .. والواحد بنقطة وأربع شرطات .. والاثنين بنقطتين وثلاث شرطات .. إلخ ... لحسن الحظ أني أحفظ شفرة موريس عن ظهر قلب .. دعنا نجرب !" 

وأمام أعيننا المبهورة اتجهت نحو الخزانة .. وأدارت قرص الأرقام وهي تنظر نحو الرسم وتهمس .. 

."9 .. 5..7.. 5.. 4 .. و .. ممممممم" 

انفتحت الخزانة !! 

نظرنا جميعا إلى الخزانة الخاوية .. وقلت بذهول : 

."إذن هي جريمة !! جريمة سرقة وقتل بالسم !! وكنا سنغلق القضية لعدم وجود شبهة جنائية !" 

وصاح الطبيب الشرعي : 

."لكن من فعلها ؟" 

كدت أتهمه بالغباء لهذا السؤال .. كيف ستعرف "هند" اسم القاتل ؟ إنها تحلل الأدلة ونحن سنبحث و .. 

."الدكتور أحمد السلاب" 

قاطعت "هند" أفكاري بهذا الاسم بمنتهى البساطة .. هل تسخر منا ؟ هل هي على علاقة بالشياطين ؟ من أين عرفت الاسم ؟؟! 

."الأمر بسيط يا سادة .. أنظروا إلى رف الأدوية .. كلها أدوية قلب .. هذا معناه أن الراحل كان مخدوعًا مثلكم .. وظن أنه أصيب بمرض القلب .. 

إن "الزرنيخ" سم غريب .. وهم يسمونه "مسحوق الميراث" لأسباب واضحة .. فهو طريقة قتل نظيفة إذا كنت تريد أن تعجل بموت أحد لترثه سريعاً .. ولا طعم له ولا رائحة .. ويمكنك أن تدسه له بكميات صغيرة لعدة أعوام دون أن يشعر ... وهكذا يجد الضحية نفسه مريضاً منهكاً ... وتتورم قدماه ويسقط شعره .. 

ويصاب بإسهال مرعب كأنه أصيب بالكوليرا ... و يموت تدريجياً .. والجمبل أن القاتل يبتعد تماماً عنه .. 

وقد يسافر إلى دولة أخرى حتى يبعد عنه أي شبهات .. ويموت الضحية وهو يشك في أي مرض في العالم .. إلا التسمم !! 

خاصة إذا لم يخطر ببال طبيب أحمق أن يقوم بتحليل للتسمم .. فقد يتم تشخيصه أنه مريض بالقلب أو كوليرا أو سرطان معدة .. من أكثر شخص يعرف هذه المعلومات ؟ طبيب طبعاً !! " 

-"لكن لماذا أحمد السلاب هذا ؟ أٌين وجدتِ الاسم أصلاً ؟" مدت "هند" يدها في جيبها والتقطت "روشتة" طبيب مطبوعة .. 

-"هذه مكتوب عليها اسمه و رقم هاتفه .. واضح أنه طبيبه الخاص منذ أعوام.. هو من وصف للعجوز أدوية القلب .. كان يريد التغطية على فعلته .. ويتظاهر أنه يعالجه .. لكنه قتله ببطء ليستولي على ماله .. " 

قلت معترضاً : 

-"ولماذا لا يكون مجرد طبيب أحمق آخر لم يعرف التشخيص ؟ الحماقة جريمة .. لكنها ليست كالقتل ! 

هرشت شعرها المنكوش وتلاعبت على ثغرها ابتسامة ساخرة وقالت : 

-"من في رأٌيك يستطيع الدخول لغرفة نوم العجوز والتفتيش فيها دون إثارة الشكوك حتى يصل إلى سر رقم الخزنة .. سوى طبيبه ؟ إنه وحيد بلا زوجة ولا أبناء ولا أصدقاء .." 

-" هذا ليس دليلا أكيدًا .." 

- "الرجل لا يزوره أحد إلا أخت عجوز .. وهذه لا تحتاج لسرقة الخزنة .. فكل ممتلكاته ستكون ميراثها بعد وفاته بشكل رسمي ... ولا يوجد لص سيقتحم منزل رجل ليقتله بسم بطيء كالزرنيخ ! .. اقبضوا على الطبيب .. حققوا معه .. وضيقوا عليه الخناق .. وسيعترف حتماً .. وأراهنك أنه يمر بضائقة مالية مزمنة ... " 

نظرنا إلى بعضنا .. إنها عبقرية ... لا ينكر هذا إلا أحمق أو جاحد .. 

لقد حولت حالة وفاة عادية إلى جريمة قتل مكتملة الأركان !! 

بقي فقط أن نلقي القبض على "أحمد السلاب" ... لكن ليس هذا مكسبي من هذه القضية .. 

لقد تعرفت على إنسانة ستغير مجرى حياتي يومًا !! 

لكن هذه قصة أخرى ! 



Thursday, November 28, 2019

رسالة إلى الله



رسالة إلى الله .. 

من العبد الفقير .. إليك يا رب العالمين .. 
ترددت كثيرًا قبل أن أكتب هذه الرسالة .. 
فأنا أعلم أن تعليقات الجميع لن تخرج عن اتهامي بالإلحاد .. أو بالرياء على أقل تقدير .. 
لكني لا أوجه كلمة واحدة لهم .. أنا أكتب رسالة إلى إلهي العظيم .. رب العرش .. خالقي .. 
وإذا لم يتركوني أناجي خالقي بالطريقة التي أحتاجها .. فلا حاجة لي بهم أصلًا .. 
أنا مرهق يا الله .. 
أتعبتني الدنيا .. وأتعبني السؤال السرمدي الذي حير الجميع .. 
ماذا أفعل هنا ؟ 
ما جدوى وجودي ؟ 
ما سر خلقي ؟ 
شارف شبابي على الانتهاء .. ويئست من العثور على السر .. 
هل الهدف هو تعمير الأرض ؟ العمل على خير البشرية ؟ 
إذن لماذا حاولت جاهدًا ولم أنجح في هذا ؟ 
فأنت ـ سبحانك ـ تعرف نواياي .. وتعرف أني لم أهدف لأية أمجاد شخصية .. 
حاولت أن أكون نواة تنشر الفكر الصحيح لتعمير الأرض .. 
سعيت لنشر ثقافة التفكير .. أن يكون تعميري للأرض موجهًا لطاقة العقول .. لكني فشلت ! 
عشر سنوات من المحاولات .. وكل فشل يكون أسوأ مما قبله !! 
بل على العكس .. في البدء كنت واثقًا في نفسي وفي أهدافي .. والنهاية تحطم كل شيء ! 
سافرت إلى أقصى الأرض .. لأعمل في تعمير بيوت الفقراء .. إدراكًا مني أن مجال الهندسة لا يجب أن يقتصر على بناء بيوت وقصور الأثرياء .. 
فقط ليتضح بعدها أن من عملت معهم هم أشر اللصوص والنصابين قاطبة !َ! 
ليتحطم أملي في النهاية .. وأتحول إلى وغد آخر يكسب عيشه من خدمة الأثرياء وبناء مشروعاتهم .. 
هل هذه نهايتي يا الله ؟ 
من الشخص الحالم بمجتمع بلا جهل .. بفقراء لهم كرامة .. إلى شخص محطم عاجز لا يملك أن يساعد نفسه ؟ 
ربما بالفعل تعمير الأرض كما يقول الجميع هو "الزواج وإنجاب أطفال على خلق ودين يعمرون الأرض" .. 
إذن لماذا فشلت في كل مشروع زواج أقدمت عليه ؟ 
لماذا لم أجد نصفي الآخر ؟ 
أنت خالقي يا الله .. وتعرف كل ميزاتي وسوءاتي .. 
تعرف كل نواياي ... ولا أحد يعرفها إلا أنت .. 
قد يراني الآخرون شخصًا سيئًا .. شيطانًا .. وقحًا .. غريبًا .. 
لذا لا أستطيع أن أتوجه بالسؤال إلا لك ... لماذا ؟ 
لماذا فشلت رغم محاولتي بكل طاقتي ؟ 
لماذا لم أجد راحة البال إلا في الوحدة ؟ 
هل هذا هدف وجودي ؟ البقاء وحيدًا ؟ 
العمل نهارًا والتدخين على المقهى مساءً والنوم ليلًا ؟ فقط ؟ 
أنا أؤمن أنك خلقتنا جميعًا .. ونحن بشر مخيرون ولسنا مسيرين .. 
أؤمن أن كل ما يحدث هو باختيار البشر ... وليس رب البشر .. 
لكن البشر خذلوني يا ربي .. ولم أعد أرى في وجودهم إلا دافعًا للسخرية ... 
فقط حين أناجيك تخرج مشاعري الحقيقية .. مشاعر المحبط الغاضب اليائس .. المارد المحبوس في قمقم ضيق ... 
وأقول لك .. أنا تعبت ... 
عجزت عن التعامل مع الدنيا .. عجزت عن فهم البشر والاندماج معهم .. 
تحطمت أحلامي كلها .. طموحاتي كلها اتضح أنها مثيرة للضحك ... 
والمشكلة أني أعجز عن إنهاء مأساتي بيدي .. 
أخجل من ملاقاة وجهك الكريم منتحرًا يائسًا .. 
تمنيت أن أكون شخصًا له تأثير إيجابي على الدنيا ... فلم أنجح إلا في إثارة الشفقة في البداية والنفور في النهاية ! 
انفض الجميع من حولي .. واتضح أن الجميع كانوا يتحملون وجودي بصعوبة ... وينتظرون أي مبرر ليهربوا مني .. ! 
لماذا لم ترني الحقيقة منذ البداية ؟ 
لماذا يا الله تركتني مخدوعًا لسنوات ظننت فيها أن باستطاعتي فعل أي شيء ؟ 
لماذا تركتني أتوهم أني محبوب وناجح ومؤثر ؟ في حين أن الجميع يرونني مهرجًا لا أكثر ؟ 
لماذا تركتني أرتفع في السماء ثم أهوي محطمًا عنقي ؟ 
لما تتركني الآن تائهًا ضائعًا .. لا أعرف ما أفعله بعد ساعة من الآن ؟ 
أنا لست مؤمنًا مثاليًا .. 
أقصر في عباداتي كثيرًا .. 
ولست إنسانًا مثاليًا .. قد أكون ساخرًا بذيئًا عصبيًا لا أطاق .. 
فهل هذا عقابي ؟ 
كما عوقب اليهود بالتشتت والتشرد .. أعاقب أنا بالتشتت العقلي والتشرد النفسي ؟ 
هل أنا بهذا السوء ؟ 
أقول دائمًا لكل من حولي أنك خلقتنا ووضعتنا في دار الاختبار بلا تدخل منك ... وأن كل ما يحدث لأي شخص هو اختياراته أو اختيارات الأشخاص المحيطين به ... 
أقول أنك خلقتنا مخيرين .. نختار أن نساعد غيرنا أو لا .. نكون أشخاصًا خيرين أو أشرارًا .. باختيارنا الكامل .. 

يختار حكام الدول أن ينهبوا خيراتها .. ويعيش أهلها في ذل وفقر .. 

يختار البشر أن يكرهوا الخير ويسعوا في أذية غيرهم .. 

لكني دائمًا ما أتمنى أن أكون على خطأ .. أن تهديني إلى الطريق .. إلى راحة البال .. 

أن تقول لي ماذا أفعل هنا ؟ 

فقدت كل أمل .. وكل رغبة .. 

ولم أعد أريد إلا اللجوء لك سبحانك ... 

زهدت البشر والحياة بكل ملذاتها .. وتحولت إلى وعاء خال جاف ينتظر نهايته بصبر نافد .. 

لقد تعبت يا الله .. 

تعبت من البحث بلا جدوى .. تعبت من خواء الروح .. 

سحقتني الدنيا .. وأعجز عن الخروج منها ... 

كل ما أحتاجه هو علامة ... علامة تنير طريقي .. 

ماذا أفعل هنا ؟ 

ما جدوى وجودي ؟ 

ما سر خلقي ؟ 

لا أريد أن تكون نهايتي الوحدة أنتظر النهاية .. 

أريد أن أعرف ما أفعل !! 

أنا ضائع يا الله .. وما لي من ملجأ سواك ... 

عبدك الفقير 






Friday, October 25, 2019

تأملات الفرح !!



تأملات الفرح !! 

كلما حضرت حفل زفاف .. أعجز عن المشاركة في أي طقس من طقوس الحفلات المستحدثة تلك .. من الرقص والتنطيط و (صحاب العريس ييجوا كلهم عالستيدج) .. و المهرجانات التي أعتبرها وسيلة تعذيب رهيبة تسبب الصرع .. وربما يجب أن يتم إعادة إنتاج فيلم "البرتقالة الميكانيكية" ويستخدموا المهرجانات لغسيل مخ البطل هذه المرة !! 

المهم أني أجلس منزويًا في حفلات الزفاف .. مصابًا بالصداع من الإزعاج الرهيب .. وأتمسك بمقعدي بقوة لأمنع أي أحد من سحبي عنوة لأشارك في الرقص ! 

في جلوسي أكتفي بتأمل من حولي .. 

بداية لا أستطيع تفويت تأمل وجوه العاملين بالقاعة ! 

يكاد الملل يقطر منهم .. كل يوم نفس الكلام .. نفس الأغاني .. نفس الابتسامة الزائفة التي يضطر لاصطناعها ليحافظ على أكل عيشه .. 

في إحدى القاعات النصابة كان من ضمن فقرات الحفل "العرض النوبي" .. 

طبعاً لم يخرج العرض عن شاب أسمر تعس من العاملين بالقاعة يرتدي ثيابًا نوبية ويرقص على مهرجان فرتكة فرتكة !! 

لكن المثير أنه لم يكن يبتسم حتى ! 

أتخيل نفسي عريسًا .. أعامل هذا اليوم على أنه أهم يوم في حياتي .. ثم أنظر لوجوه هؤلاء وأشعر بالخجل لأنهم يرون مثل هذا اليوم مئات المرات ! 

شعور ممض قميء بلا جدال ! 

لا تصدقني ؟ تخيل إذن أن تكون في قمة سعادتك .. وهؤلاء يقولون في قرارة أنفسهم "يا جدعان خلصونا بقى من الليلة دي عايزين نروح" 

تذكر كيف كانت فرحتك بالملاهي في طفولتك تتعكر إذا كان والدك ملولًا يتمنى أن تنتهي سريعًا من اللعب لتعودوا إلى البيت !! 

أتابع التأمل .. 

غالبًا يكون هناك واحد من أهل العريس غير مقتنع بالزيجة .. 

تعرف طبعًا أن "القرد في عين أمه غزال" .. في الأغلب هناك واحد من الأهل لا تعجبه العروس أو لا يعجبه أهلها .. أو غالبًا يظن أن العريس أبله ومخدوع و "البت ممشياه على مزاجها" .. 

ستراه غالبًا جالسًا على الطاولة وحيدًا .. يصطنع ابتسامة على وجهه .. 

لحظة .. نسيت أن أكلمك عن ال"دي جي" .. 

يبدأ الفرح دائمًا بمقدمة بالإنجليزية ليوحي بالرقي .. ودائمًا تكون المقدمة مليئة بالأفورة .. ويقدم العروسين بلقب الملك والملكة !! 

طبعًا لا بد من "طليييييييييييي بالأبيض طلييييييييييي" التي أظن أن ماجدة الرومي ندمت على غنائها يومًا ! 

ثم ينتقل إلى أسماء الله الحسنى .. فأغنية راقية للرقصة "السلو" .. ثم تبدأ فقرة فرتكة فرتكة والأغاني الشعبية الهابطة ! 

ولا تقل لي أن العروسين يختاران الأغاني .. هذا لا يحدث .. في أحد الأفراح تشاجر العريس مع الدي جي لأنه لم يشغل أغنية واحدة مما أعطاها له ! 

وسألني إن كانت معي أي أغانٍ أعطيها له لأنقذ الموقف !! 

طبعًا أنت تعرف أن أغاني مثل "جيفارا مات" و "سجن بالألوان" لا تصلح للحفلات .. لذا يضطر للخضوع لسيطرة الدي جي !! 

ودعني أحدثك عن "الزفة" .. 

غالبًا تتأخر العروس عند الكوافير .. ويصاب العريس بتوتر قاتل .. ثم تطير بهم السيارة إلى القاعة .. ليظلا واقفين ساعة على الأقل .. ويأتي العاملون بالقاعة الذين ذكرتهم من قبل .. ليغنوا بصوت قبيح "بسم الله الرحمن الرحيم وهنبدأ الليلااااااااه" .. بوجوه خالية من التعبيرات .. 

أتأمل وجه العروسين .. العريس يشعر بالإرهاق ويتمنى أن يجلس ولو ربع ساعة .. لكن هيهات .. أنت الضحية الليلة .. استعد لتقديم نفسك كقربان للدي جي الذي سيتحكم فيك كالعبد طوال الليل ! 

تأمل وجوه المعازيم .. 

منهم الأقارب ممن لم ير العريس أو العريس سوى مرتين في حياته .. لكنه البروتوكول الصارم الذي أجبر العريس أن يدعوه .. وإلا كان قليل الأدب !! 

لا بد من شلة "عواجيز الفرح" الذين هم بالمناسبة ليس لهم عمر محدد .... قد يكونون في العشرين أو الستين .. لا فارق .. 

ينتقدون دائمًا أي شيء .. بدءًا بالقاعة وحتى طرحة العروس وشعر العريس !! 

أعرفهم بسهولة حين أراهم من بعيد .. يتكلمون دون أن ينظروا لبعضهم .. بل ينظرون إلى ما ينتقدونه ! 

دعك طبعًا من بعض أصدقاء العريس والعروس الذين جاءوا بحثًا عن الزواج أو الشقط على أقل تقدير .. لن أكلمك عنهم لأنك حتمًا رأيتهم كثيرًا إن لم تكن منهم أصلاً ! 

يغلف الأفراح دومًا جو مصطنع من الفخامة والرقي .. يحشر الرجال أنفسهم في البدلة الخانقة .. والنساء في الفساتين مع طن من مساحيق التجميل .. 

جو كريه أبغضه بشدة .. ولا أفهم ما الضرورة له أصلا !! 

هل فهمت ما أتكلم عنه في المقال ؟ 

90% تقريبًا من الحاضرين ليسوا سعداء ! 

أي أنك كعريس تدفع دم قلبك في الفرح .. لتكون تعيسًا .. وتنشر تعاستك على المحيطين بك !! 

تدفع المال ليعاني الانطوائيون وكارهوا الضجيج .. ويعاني العاملون بالقاعة .. وينتقدك عواجيز الفرح ! 

تدفع إتاوة حتى لا يغضب أقاربك الذين لم ترهم أصلًا .. لأنك لم تدعهم لزفافك ! 

تدفع المال لتتم "فرهدتك" من الدي جي طوال الليل .. ولا تجد خمس دقائق للراحة ! 

ويمتد الفرح خمس ساعات من التعذيب المستمر .. 

كل هذا وأتساءل .. 

ما الداعي أصلًا ؟ 

ما الداعي للـ"فوتوجرافر" وعشرة آلاف صورة بابتسامة زائفة ليوم ستنساه وسط أحداث الحياة والمعركة التي ستدخلها لتستطيع فتح بيتك ؟! 

ما سبب إقامة الأفراح بتلك الطريقة العقيمة ؟ 

غالبًا يكون السبب "عشان الناس ماتاكلش وشنا" .. و "لازم فرح كبير طبعًا هو أنا مش زي بقية البنات ولا إيه ؟ " 

حضرت أفراحًا بسيطة في مالاوي .. مدتها ساعة واحدة .. وأشهد أني شعرت بالسعادة أكثر من الأفراح السخيفة عندنا .. مهما كانت درجة قربي من العريس .. 

ساعات من الزيف والفرهدة والإرهاق .. كل هذا مدفوع الأجر بمبلغ محترم ! 

وفي النهاية يقولون أني أنا المريض النفسي !! 

زمن ! 



Friday, September 27, 2019

عن الاكتئاب السعيد



عن الاكتئاب السعيد !! 

مر شهران منذ كتبت آخر مقال لي .. 

هذه حالة "سدة كتابية" أخرى إذن .. في السدة السابقة اكتفيت بالكلام عن أي شيء يخطر ببالي دون تنسيق .. لكن لا تقلق .. لن أعيد نفس الفكرة مرة أخرى وإلا سيكون مزاحًا ثقيلًا حقًا ! 

على أن تلك الفترة ساعدتني على دراسة حالتي بشكل أكثر وضوحًا .. 

هل أنا مصاب بالاكتئاب ؟ 

لا أعرف .. لكني أتطور في عملي وأتعامل باتزان مع الجميع .. قد لا يتقبلون آرائي في الحياة .. لكن هذا لا يسبب أي مشاكل على أية حال .. 

أخرج وآكل وأدخن وأتفاعل بشكل طبيعي .. 

إذن ما المشكلة ؟ 

المشكلة أن تعريفي للسعادة اختلف عما سبق .. 

إذا سألت أي شخص عن السعادة سيقول لك بثقة "عمل مريح ودخل مرتفع وزوجة وأطفال و .. " 

كل هذا جميل .. لكني لا أرى إلا الجانب المظلم من القمر .. 

لا أرى إلا أن كل هذا يحوي المشاكل بداخله .. 

العمل ؟ كم واحدًا تعرفه مستقر في عمله ؟ حتى شركات عملاقة مثل جوجل ومايكروسوفت يستقيل موظفوها ! 

وبدأ تيار في العالم يهاجم الرأسمالية التي لا ترحم الموظفين ! 

زوجة وأطفال ؟ هل أنت واثق أنك تستطيع إسعادهم ؟ 

هل شبابك - خاصة لو كنت في دولة من العالم الثالث – كان موفقًا لدرجة أنك تريد تصديره لأطفالك ؟ 

هل تستطيع توفير حياة آمنة لهم والعالم كله على صفيح ساخن ؟ 

هل تضمن ألا يتسلل الملل بينك وبين زوجتك ؟ لاحظ أنكما قبل الزواج لم تتعاملا إلا بالثياب الأنيقة في الكافيهات الراقية .. فهل أنت واثق أنكما ستظلان على حبكما حين تجلسان بالبيجاما في البيت ؟ 

ستقول أن هناك أزواجًا سعداء .. ستحدثني عن شقيق صديقة زوجة عم جارك الذي يحيا حياة زوجية رائعة .. أعرف .. والله العظيم أعرف .. 

لكن هناك شعوراً ممضًا لن تعرفه إلا وأنت مقبل على الزواج .. هو شعور أنك لا تريد كل هذا .. وتريد إلغاء كل شيء .. لكنك لن تملك الشجاعة للعودة بعدما قطعت نص الطريق ! 

بمعنى .. قد تتزوج .. وتفاجأ بسلبيات عديدة لم تكن تتخيلها .. لكنك لا تملك أي شجاعة لاتخاذ قرار الانفصال بخسائره المادية والمعنوية !! 

أي أنك تكمل حياتك محاولًا إقناع نفسك أنك سعيد .. وتصدر هذا الشعور لمن حولك حتى يرتاح ضميرك .. في حين أنك من داخلك تشعر أن الأمر لم يكن رائعًا كما كان في خيالك .. !! 

طبعًا أنت الآن عابس وتقول بقرف "يا أخي ليس الأمر بهذا السواد" .. 

يمكنك مراجعة إحصائيات زيادة حالات الطلاق هذه الأيام .. فقط لأن الأجيال الجديدة تطور تفكيرها عن الماضي .. ولم تعد تعامل الزواج والأسرة على أنهما هدف الحياة !! 

يمكنك أن تسأل صديقك الذي يعمل في شركة "مالتي ناشونال" .. وسيحكي لك عن ساعات العمل الطويلة المرهقة .. والمديرين المتسلطين الذين يعصرونه عصرًا ليكون مؤهلًا للحفاظ على أرباح الشركة وبقاءها في القمة .. وسيقول لك عن أمنيته التي لا يجسر على تنفيذها بالعمل في شركة صغيرة براتب أقل بكثير .. لكن بضغوط أقل .. وخوف أقل من يتم طردك لأنك لم تعد مناسبًا للشركة العظيمة !! 

ما الذي أحاول قوله ؟ 

قد تكون لديك أحلام عظيمة .. وتصور رائع للسعادة .. 

قد تكافح أعوامًا لتصل إلى أهدافك .. فقط لتكتشف أنها مليئة بالعيوب والسلبيات .. وأن كل تعبك كان مقدمة لمضاعفة التعب عشرة أضعاف .. 

تتعب لتتزوج .. ثم تتعب أضعافًا لتحافظ على استقرار الزواج .. 

تتعب لتنجب أطفالاً .. ثم تتعب أضعافًا لتؤمن لهم مستقبلًا في عالم لا يرحم .. وغالبًا ما تفشل ! 

تتعب لتصل لوظيفة أحلامك .. ثم تتعب أضعافًا لتحافظ عليها لأن العمل لا يعرف الرحمة !! 

ووسط كل هذا يخامرك شعور بالندم لأنك أدخلت نفسك في عشرات المعارك .. ولا تملك الشجاعة لتنسحب منها جميعًا وتعلن رغبتك في العودة لنقطة الصفر .. حيث لا ضغوط ولا خوف ! 

فمشكلتي ليست أني كئيب .. مشكلتي أني لم أعد أرى أي مزايا في الطموحات والأحلام .. 

لم يعد لدي طموحات إلا راحة البال .. أنام ليلًا وأذهب لعمل مناسب نهارًا .. ثم أجلس على المقهى مساءًا دون خوف من المستقبل ! 

يحكون عن "بوذا" أنهم حذروه من قدوم عاصفة شديدة .. فقال إنه ليس لديه زوجة ولا أولاد ولا كوخ ولا شعير .. إذن فلتزأر العاصفة !! 

فالسعادة بالنسبة لي تحولت إلى راحة البال وعدم الخوف من الفقد .. 

إذن لا مكان لطموحات عملية أخشى خسارتها .. لا مكان لأشخاص أعزاء أخشى فقدهم سواء بالرحيل أو الموت .. 

لا مكان لأحلام دنيوية .. فالدنيا محض أيام تمر سريعًا .. لاحظ آخر عشرة أعوام من عمرك وسترى كم مرت بسرعة ! 

ولو لاحظت .. فيومك 24 ساعة .. إذا خصمت منها ساعات النوم والعمل والطعام والحمام قد يتبقى لك 3 أو 4 ساعات منهم فحسب .. 

فليس من الضروري أن أقضيهم بزوجة وأولاد أو بأموال كثيرة .. إذا ذهبت إلى مقهى أو شاهدت فيلمًا أو تمشيت على البحر .. فقد انتهى يومي بالمعنى الحرفي !! 

فما الداعي أصلًا أن أدمر حياتي بالضغوط لأعيش سعيدًا 3 ساعات كل يوم !! 

في حين أن هناك أنواعًا أقل مجهودًا وتكلفة من السعادة .. ولا بأس بها أيضًا !! 

لذا فقد توصلت إلى الإجابة .. 

أنا لست مصابًا بالاكتئاب .. كل ما في الأمر أني فهمت الدنيا بشكل جديد .. ولا أفكر إلا في يومي وكيف أقضيه .. دون أي خطط مستقبلية من أي نوع .. 

ومع الوقت صنعت حولي قوقعة عزلتني عن مشاكل العالم .. بل عن مشاكلي الشخصية .. لم أعد أغضب من أحد .. لم أعد أتوقع أي شيء من أي شخص .. لا أنتظر اهتمامًا من أحد .. 

أستطيع أن أقول بثقة أني سعيد .. وحقًا لم أعد أهتم بأي أحداث من حولي .. 

فأنا لا أملك زوجة ولا أولاد ولا كوخاً ولا شعير .. إذن فلتزأر العاصفة !! 

Friday, July 26, 2019

هؤلاء البشر المهمون !!



هؤلاء البشر المهمون ! 

هناك طبيب نفسي شهير يدعى (عادل صادق) له عدة كتب تدل على براعة غير عادية في فهم النفسية البشرية .. 

من ضمن ما تحدث عنه قاعدة هي (أنا بخير وأنتم لستم بخير) .. وهي مهمة جدًا إذا اضطررت آسفًا للتعامل مع البشر الآخرين .. 

ولتفسح صدرك لي لأشرح لك مدى عبقرية (عادل صادق) .. واسمح لي بذكر اسمه دون ألقاب لأن هكذا يعامل العباقرة .. فشكسبير لا أحد يقول له (أستاذ ويليام شكسبير) مثلًا ! 

بالمناسبة الجملة السابقة لها علاقة مهمة بالمقال .. لكن لا داعي للاستعجال .. 

فالبشر لديهم طبع غريب .. حين يشاء له الحظ أن يصل لمكانة ما مهما كانت وضيعة تبدأ ذاته في التضخم .. ويبدأ في معاملة غيره بغرور عجيب ! 

حتمًا مررت بهذا مع أحد أصدقائك حين يعمل في مكان مرموق .. فيبدأ بتضخيم دوره ليشعرك كم هو مهم ورائع ! 

وتبدأ عبارات من نوعية (معلش أنا مقصر معاك .. بس انت عارف شغلي حساس قد إيه) في الظهور بينكما .. ويبدأ معك نوعًا خاصًا من التعالي كأنه خبير بالحياة ! 

هل شاهدت فيلم زكي شان ؟ تذكر مشهده مع صديقه الساذج الذي تمنى أن يصبح بودي جارد مثله ! 

أذكر في مرة أثناء تنظيمنا للنشاطات الثقافية .. أن اتصل بي واحد من فريق اعداد قناة CBC معلنًا رغبته في استضافتنا في حلقة بالقناة .. 

طبعًا كدت أجن من الفرحة !! فهذا دليل قاطع أننا ناجحون فعلًا ! 

وذهبت أنا وإحدى الزميلات .. في البداية استغربت قلة الاهتمام بنا .. وألقونا في حجرة ضيقة حتى يحين دورنا .. 

وحين دخلنا إلى الاستوديو لم ينظر المذيع حتى إلينا ! وحتى حين صافحته لم يظهر ذرة اهتمام واحدة ! 

لكن حين هدرت الكاميرات معلنة بداية البرنامج ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة .. وبدا عليه الانبهار الأبله بكل كلمة نقولها .. رغم أني اكتشفت أنه لم يعرف عنا حرفًا واحدًا إلا قبل الحلقة بدقيقة واحدة ! 

حتى حين أمسكت بالكوب الأنيق الذي وضعوه أمامي مطبوعًا عليه شعار القناة وجدته ممتلئًا حتى نصفه بالماء .. ولم يكن باردًا حتى !! 

في إشارة واضحة أن الأهم هو "المنظر" فقط ! 

وحين انتهى اللقاء عاد المذيع إلى عبوسه وتجاهله السابق .. ولم يوجه لنا كلمة شكر واحدة .. فاكتفيت بالنهوض وأنا أسبه بصوت خفيض "ده انت ابن ....." .. وغادرت المكان وأنا في قمة الإحباط .. مدركًا أن وجودنا كان مجرد صدفة لا أكثر .. ووسيلة لملء الساعات الميتة في القناة .. خاصة أن البرنامج كان في السابعة صباحًا .. أي أنه لا يوجد كلب بلدي حتى شاهده ! 

لكني فوجئت بتفاعل الزميلة مع الأمر ! 

كانت سعادتها جنونية .. وبدأت في التعالي على أي كيان ثقافي آخر من منطلق "احنا طلعنا عالتلفيزيون يا كلاب" وظلت تحكي للجميع بوقار كأنها نجمة ساطعة ! 

نعم .. مبدأ "أنا بخير وأنتم لستم بخير" 

كل نجاح حتى لو كان زائفًا ولا قيمة له يتحول إلى وسيلة للتسلق فوق الغير ومعاملته بتعالٍ مقرف ! 

كنت أعمل في مكان ما .. وفوجئت بشخص يرتدي بذلة ويلقي بأوامره يمينًا ويسارًا .. ويتعامل مع الجميع كأنهم خنافس كريهة الرائحة .. وحين سألت قال لي أحدهم بخوف "ده مدير التسويق في الإدارة الشرقية" ! 

مدير تسويق في إدارة واحدة .. ضمن شركة محلية سكندرية .. في دولة من دولة من دول العالم الثالث .. في أفقر قارة .. في كوكب واحد ضمن مجموعة شمسية متوسطة الحجم .. وتتعامل بهذا الغرور .. يا أخي ربنا يشفي الكلاب ويضرك !! 

أستغرب بشدة ممن يصرون على الألقاب في تعاملاتهم .. تجد شخصًا يسبق اسمه (السيد الأستاذ الدكتور مدير القطاع) .. ! 

قديمًا قالوا عن الشخص الذي يمسك بالشيشة ويبدو فخورًا بإمساكه "اللي" أنه يعاني ضعفًا جنسيًا ويعوضه باللي الطويل لا شعوريًا ! 

أشعر دومًا بنفس الشعور عندما أتعامل مع هؤلاء المهمين !! 

يقول أحمد خالد توفيق "لطالما تساءلت عن تلك المعجزة التي تجعل إنسانًا ما يشعر بالفخر أو الغرور .. ما الذي يعرفه هذا العبقري عن قوانين الميراث الشرعية ؟ هل يمكنه أن يعيد دون خطأ واحد تجربة قطرة الزيت لميليكان ؟ هل يمكنه أن يركب دائرة كهربية على التوازي ؟ كم جزءًا يحفظ من القرآن ؟ ما معلوماته عن قيادة الغواصات ؟ هل يستطيع إعراب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) ؟ هل يمكنه كسر ثمرة جوز هند بين ساعده وعضده ؟ كم من الوقت يمكنه أن يظل تحت الماء ؟ الخلاصة أننا محظوظون لأننا لم نمت خجلًا من زمن من فرط جهلنا وضعفنا" .. 

تخيل كل هذا وتجد من يغير تعامله مع الناس لأنه أصبح "مدير مساعد رئيس قسم تصنيع عصا الأيس كريم" !! 

وتجد صديقك الهايف الذي كان يجلس معك على نفس القهوة البائسة يبدأ في التعالي عليك لأنه أصبح "مدير قسم" .. رغم أن القسم لا يضم إلا هو وعامل البوفيه أساسًا !! 

ويعاملك بشفقة مفخخة من نوعية "يا بني لازم تدور على شغل تاني بدل شغلك الهايف ده" .. من منطلق "أنا بخير وأنت لست بخير" !! 

بعض التواضع يا جماعة .. فالحياة سخيفة بقدر كافٍ .. ولا ينقصها شخص مزعج مثلك ! 

أنت مجرد شخص تافه في شركة تافهة إذا أغلقت اليوم فلن يتأثر العالم بمقدار ذرة ! 

لا تظن أن التعالي على من ترأسهم هو سر نجاحك .. فدعوة واحدة من شخص تحولت حياته إلى جحيم بسببك كفيلة بكعورتك على وجهك لتتسول في الشوارع !! 

ولا علاقة بالغرور بقيمتك بين الناس .. 

قيمتك الحقيقية في تواضعك مع الناس .. ليقولوا لبعضهم "أهو راجل مدير تقيل بس مننا وعلينا" .. 

أما إذا كنت مغرورًا فسيقولون "مدير في شركة تعبانة وعامل نفسه شبح" .. 

أنت لست مهمًا .. أنت لست ناجحًا .. أنت مجرد "ولا حاجة" .. والتوفيق ودعاء الوالدين فقط هو الذي جعلك في مكانك .. 

لا قيمة لك .. وإذا سقطت ميتًا الآن سيحزن أهلك لمدة أسبوع ثم ينسون كل شيء عنك .. لن تتوقف الكرة الأرضية عن الدوران .. 

عش تافهًا .. ومت تافهًا .. لكن بشرط أن تدرك تفاهتك !! 

ارحمونا يرحمكم الله .. 




Friday, July 12, 2019

الدليل الأكيد للانفصال السعيد



الدليل الأكيد للانفصال السعيد 

وماذا تنتظر من الكئيب حين يتكلم عن العلاقات العاطفية ؟ يتحدث عن الانفصال طبعًا ! 

لكن الجديد هنا أني سأشرح لك كيف تتجاوز أزمة الانفصال دون خسائر في الأرواح .. ودون أن تتحول إلى أبله يكرر دون توقف "سعاد وحشتني أوي" ... 

هيا بنا نبدأ .. 

1- الأماكن .. 

أول مشكلة تواجهها كمنفصل هي الأماكن التي اعتدتما الذهاب إليها معًا .. مطاعم .. كافيهات .. إلخ .. 
بمجرد أن تقترب من أحدهم يصيبك شجون وضيق تنفس .. وتخنقك الذكريات .. ربما تفتقدها .. أو على الأرجح تتذكر الأموال الطائلة التي أنفقتها لتدعو خطيبتك فيها .. لتظهر كم أنت رائع ! 
والنتيجة أنك تتجنب السير في أي شارع مشيتما فيه معًا .. ويصبح الأمر أكثر صعوبة إذا كانت خطيبتك السابقة من النوع الذي يفضل المشي .. حينها قد تفكر في شراء طائرة هليكوبتر تتحرك بها لأنكما مشيتما معًا في كل شوارع البلاد !! 
ما الحل إذن في مشكلة "حنين الأماكن" هذه ؟ 
الحل ـ ببساطة ـ أن تذهب لذات الأماكن وحدك .. كثيراً !! 
نعم .. اذهب كل يوم وحدك إلى مكان ذهبتما إليه معًا في السابق .. 
الفكرة هنا أن نفسية الإنسان معقدة جدًا .. وتعطي المجهول أو البعيد حجمًا أكبر من حقيقتها لتتحول إلى "كلكيعة" كبيرة داخلك ! 
تذكر كم مرة كنت تخشى يومك الأول في الجامعة / الامتحانات / العمل / السفر .. وكان التوتر والهلع يسيطران عليك .. ثم حين أصبحت "داخل الموضوع" اكتشفت أنه لم يكن يستحق كل هذا التوتر ! 
ها هنا نفس الفكرة ... حين تتجنب الأماكن يتكون داخلك حاجز نفسي هائل تجاهها ... هذا الحاجز هو ما يؤلمك .. وليس الذكريات المشتركة .. 
إذن هذه هي النصيحة الأولى .. اذهب وحدك إلى كل الأماكن التي ذهبتما إليها معًا .. ومع الوقت سيزول الحاجز النفسي ... 

2- ابحث عن رضا !! 

من هو رضا ؟ رضا هو نوع من الأصدقاء لديك حتمًا واحد مثله ... 
الصديق الذي يتعامل بمبدأ "في داهية" مع أي شيء قد يسبب له وجع الدماغ .. 
تقول له أنك فسخت خطوبتك يقول لك ببساطة "عادي إيه المشكلة .. تيجي نروح ناكل في قرية هاني؟" 
حين تجلس معه تشعر أن كل آلامك مجرد سخف .. ويصبح فعلًا كل همك على أي قهوة سنجلس ؟ وماذا سنأكل ؟ 
يوفر لك رضا نوعاً من "الفصلان" عن أي مشاعر سلبية .. وتتحول جلساتك معه إلى جلسات أنس ونقاشات بلهاء عن مواضيع هايفة .. لكنها توفر عليك مجهود التفكير .. وتشعر أنها تغسلك من الداخل بأفضل من ألف جلسة "جروب ثيرابي" قد تحضرها !! 
مع الوقت ستشعر أنه "في داهية" فعلا .. ولا يوجد أي مشكلة .. بل بالعكس .. الخطوبة كانت كاتمة على أنفاسك وتمنع عنك متعة الجلوس على القهوة والأكل من أي مكان في أي وقت كلما أردت !! 
إذن ها هي النصيحة الثانية .. ابحث عن رضا !! 

3- لا تجعلها كاذبة ! 

ركز معي في هذه النصيحة لأنها معقدة نوعاً .. 
حين تركتك خطيبتك حتمًا أرادت أن تبرر لنفسها أنك شخص سيء .. 
وبالتأكيد رمتك باتهامات عجيبة .. وألصقت بك صفات سيئة ليست فيك أصلًا .. 
كيف عرفت ؟ هذه هي القصة دائمًا يا صاحبي .. حدثت معي ومعك ومع الكل .. 
الفكرة هنا أن هذه الاتهامات الكاذبة تؤلمك حتمًا .. وتشعر أنك لست سيئًا كما تقول هي .. وتشعر بالظلم والقهر أنها تركتك بسبب صفات ليست موجودة فيك أصلًا !! 
حسن .. الحل هنا هو أن تكتسب هذه الصفات فعلًا !! 
لا تجعلها كاذبة في حرف واحد ... هي قالت عنك أنك وغد حقير .. إذن يجب أن تستحق هذه السمعة ! 
كن وغدًا حقيرًا بنفس الطريقة التي اتهمتك بها بالضبط ! 
كأنك توجه رسالة صامتة باردة "نعم أنا كذلك .. ما المطلوب ؟" 
قد تكون نصيحة غريبة .. لكن صدقني ستشعرك بتحسن غير مسبوق .. وعن تجربة !! 

4- برود القاتل المتسلسل .. 

عليك بالبرود يا صاحبي ... لا تفكر باحتمالية أن تعود إليها ولو بنسبة 1% .. انتهى .. لا عودة .. القاتل المتسلسل يعرف بعد ضحيته الأولى أنه لا عودة ... 
لا تفتح صفحة الفيس بوك الخاصة بها لتتابع أخبارها مهما حدث .. هي تجربة وانتهت .. حتى لو حدثت محاولات للصلح .. 
لا يوجد شخص غير قابل للتعويض ... ولا داعي للأفورة .. هي مجرد فتاة قد تتزوج الأجمل منها شكلًا وصفاتًا ... 
أذكر أني كنت مع أحد أصدقائي في سيارته .. ورأينا خطيبتي الأولى السابقة مع زوجها في الشارع .. فقمنا بعمل زفة كلاكسات على سبيل التحية !! 
لم أشعر بأي ضيق أو ألم .. برود القاتل المتسلسل !! 
كن واقعيًا ... أنت كشاب شرقي لا تعرف معنى الحب أصلًا ... تعاملك مع الجنس الآخر غير كافٍ .. لذا فحين تتعامل مع فتاة عن قرب ستقوم بتركيب عواطفك الجاهزة عليها .. وتتوهم أنك تحبها بجنون .. في حين أن كل ما في الأمر أنه لم يكن هناك غيرها أصلًا !! 
لذا قد تلاحظ أن صديقك الذي يعرف فتيات كثيرات .. قد يظل بلا زواج أعوامًا طويلة .. لأن رهبة التعامل مع الجنس الآخر اختفت .. فصار اختياره لواحدة يراها تستحق أن يكمل معها هي فقط صعبًا جدًا ! 
لتكن هذه نقطة انطلاقك ... هي مجرد فتاة لا أكثر ولا أقل .. قابلة للتعويض بسهولة شديدة .. 

5- لن تنسى .. 

نعم .. أنت لم تقرأها خطأ .. أنت لن تنساها .. وإذا حاولت أن تنسى فسيزيد ألمك أكثر .. 
اسمح للذكريات أن تزورك دائمًا حتى تزهدها وتمل منها ... ومع الوقت ستصبح الذكريات مجرد أحداث مررت بها .. ولا تمثل لمشاعرك أي شيء .. 
أصلًا لا يجب أن تنسى أي تجربة مررت بها .. بل يجب أن تخزنها لتتعلم ولا تقع في أخطاءك القديمة ! 
أما إذا كنت تقول "وحشتني أوي ولسة بفكر فيها" فأنت لم تقرأ المقال من بدايته ... 
الآن وصلنا للنصيحة الأخيرة .. وهي الأهم من وجهة نظري .. 

6- لا ترتبط أصلًا !!